رسالة إلى عدن وأهلها

صالح الحكمي
الجمعة ، ٠١ ديسمبر ٢٠١٧ الساعة ١٠:٤٥ صباحاً

 

   لا يوجد أي شعب أو مكون أو جماعة ترفض التواجد الحقيقي للدولة على أي شبر من أرض الوطن، أو حتى شكل الدولة، بعد الخروج من حرب وصراعات أفضت إلى التحرير بعد تضحيات كبيرة، إلا أولئك الذين يحملون مشاريع وأجندات خاصة تتصادم مع مشروع الدولة، مشروع الأمن والاستقرار، وتتعارض طردياً مع المساعي والمهام التي حملتها الحكومة على عاتقها، والمتمثلة في إعادة الخدمات الأساسية، وإعمار ما خلفته الحرب من أضرار في البنية التحتية والخدمية وبيوت المواطنين، ونقل البنك المركزي، والحفاظ على استقرار العملة، واستقرار الاقتصاد وعمليات البيع والشراء، وصرف المرتبات وانتظامها، وإعادة بناء وتأسيس وتأهيل المؤسسات العسكرية والأمنية على أسس وطنية، جيش وأمن يحافظ على أمن واستقرار البلاد، ولا استقرار بدون رجل الأمن، وذلك ما يعتمل اليوم في عدن، عاصمة اليمن المؤقتة، للأسف الشديد، ويطبق من قبل ما يسمى بالمجلس الإنتقالي وبعض الجماعات والمليشيات والتشكيلات المسلحة، بالتزامن مع ما تقوم به خلايا داعش والقاعدة!

 

منذ الوهلة الأولى لعودة الحكومة إلى عدن بقيادة الدكتور بن دغر وهي تحاول جاهدة لإعادة الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه وإصلاح الطرقات وإعادة فتح وترميم كافة المؤسسات الحكومية وقد نجحت، وغيرها من الخطوات التي من شأنها إعادة البسمة لأبناء عدن، وإعادة عدن لمكانتها وموضعها الطبيعي، كمدينة استراتيجية وعاصمة لليمن كله، إلا أن معاول الهدم لم تتوقف لحظة واحدة من إحباط وإفشال وتخريب كل ما تقوم به الحكومة وفي وضح النهار، ولا تزال حتى اللحظة، وكما يقال "يد هدم واحدة غلبت مئة بنّاء"، وهذا هو المشهد باختصار الذي يعرفه أبناء عدن جيداً ويعرفون من يقف خلفه وماذا يريد.


ماذا يمكن أن نسمي من يعرقل تنفيذ المشاريع الحكومية الخدمية في عدن، ومن يستهدف السلم والأمن الإجتماعي لعدن، ومن يتعمد إثارة الفوضى والتحشيد وقطع الطرقات وإقلاق السكينة العامة، ومن يصطنع كل يوم مشكلة داخل المدينة تؤدي إلى اشتباكات بالأسلحة المتوسطة والخفيفة داخل الأحياء المأهولة بالسكان والشوارع المزدحمة، ومن يقف حجر عثرة أمام تأسيس جيش وطني، وأجهزة أمنية ولاؤها وحبها للوطن لحفظ أمن عدن ومنع الأيادي العابثة من العبث، ومن يستهدف المؤسسات الحكومية والخدمية ومباني الوزارات والمعسكرات بالمفخخات، ومن يحاول منع تحركات الحكومة المتواجدة في عدن وأعضائها من ممارسة مسؤولياتهم تجاه عدن خصوصا واليمن عموما ويعيقها؟ ماذا يمكن أن نسمي من يمارس كل تلك التصرفات اللاوطنية، التي يدفع ثمنها أبناء عدن وسكانها يومياً، وانعكست بالسلب والضرر على بقية المحافظات المحررة؟ 

 

ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فإنه لابد من الإشارة إلى أن أي إضعاف للدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية، يسهم وبشكل مباشر في تقوية العدو الأكبر؛ خلايا داعش والقاعدة، ولا أدل على ذلك من العمليات الإرهابية والإجرامية التي نفذتها في الفترات السابقة، فترات ما بعد إغلاق الملف العسكري إبان تحرير عدن والمحافظات المجاورة لها، وفتح الملف الأمني، واستمرت بوتيرة عالية ومتصاعدة حتى تمكنت حكومة بن دغر بقيادة وتوجيهات الرئيس هادي وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية والعسكرية والمخابراتية وبدعم الأشقاء في التحالف من الحد منها تدريجياً وبشكل كبير، خصوصاً في الأشهر الأخيرة، لكن وما إن عادت بعض المكونات للتصعيد وإثارة الفوضى وعرقلة توجهات القيادة السياسية لدمج كل التشكيلات العسكرية التي نشأت بفعل الحرب ضمن مؤسسات الجيش والأمن، حتى عاود الإرهابيون الكرة ونفذوا عدداً من العمليات الإرهابية، والتي كان آخرها استهداف مبنى وزارة المالية، وهنا لابد من التنويه أن أعداء عدن واستقرار عدن كثر، وبوجوه مختلفة، وأشدهم إجراماً هي خلايا القاعدة وداعش، المتربصة بالجميع، وأن من يريد أن يحمي عدن وأهلها من تطرفهم وجرائمهم، فليثبت ذلك من خلال وقوفه إلى جانب الحكومة الشرعية، وأجهزة الدولة الأمنية والعسكرية، صمام أمان البلاد، لا أن يحاول إجهاض مشاريعها ويعرقل تأسيس جيش وطني قادر على مواجهة خلايا القاعدة وداعش والقضاء عليها.

 

على أبناء عدن اليوم أن يعرفوا أن من يستهدف أمنهم واستقرارهم ويمارس كل ما من شأنه تعكير صفو حياتهم، وتكدير عيشهم، ويحاصرهم في لقمة عيشهم واقتصادهم، ويشوه عدن كعاصمة ومدينة عرفت بالأمن والاستقرار، ويحول دون تطبيع الحياة العامة، التي تصر الحكومة اليمنية المتواجدة اليوم في عدن على تطبيعها مهما كلف الثمن، عليهم أن يعرفوا أن هذا هو عدوهم الحقيقي مهما اختلفت مسمياته السياسية والعسكرية، وينبغي أن يكون لهم موقف حاسم وجاد وواضح إزاء هذه التصرفات ومن يقف خلفها ويمارسها.

أخيراً، إن الأسباب التي جعلت أبناء عدن والمحافظات المجاورة لها بالأمس، يتداعون من كل حدب وصوب، ويهبون هبة رجل واحد، لمواجهة العدو الغازي في 2015م، وقدموا أرواحهم فداءً لعدن، وضحّوا بكل ما يملكون، في تضحية أسطورية، للتخلص من عدو يستهدف أمنهم، واستقرارهم، وقوت أولادهم، ومؤسسات مدينتهم الخدمية والمدنية، ولم يتوقفوا حتى تمكنوا من كسر شوكته ودحره مهزوماً مذعوراً، لهي شبيهة بالأسباب والمسببات التي تستحق أن يثور أبناء عدن في وجهها اليوم، وإعلان رفضها، ورفع صوتهم عالياً في وجه كل من يستهدف أمنهم واستقرارهم، ويثير الفوضى بتعمد، ويكشر عن أنيابه يوماً بعد آخر، ويكشف أهدافه وأجنداته الحقيقية. أمن واستقرار عدن فوق الجميع، مهما حاولوا دغدغة مشاعركم بشعارات مستلهكة، ويلوكون على مسامعكم نفس الاسطوانات المشروخة، فمن يحب عدن وأهلها ويحب الجنوب لا يمكن أن يمارس هكذا سلوكيات، باتت نتائجها الكارثية تمثل تهديداً حقيقياً للجميع ولا تستنثني أحد، -لا سمح الله-، ما زالت الفرصة سانحة أمامكم يا أبناء عدن لتقولوا كلمتكم ولتصرخوا ب (لا) في وجه عدو مدينتكم، حفظ الله عدن وأهلها من كيد الكائدين وحماها من شرورهم.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي