صراع النكف !!

أمين المذحجي
الأحد ، ١٠ سبتمبر ٢٠١٧ الساعة ٠٤:٢٣ مساءً
 
 
طوال قرون من الزمن عاش اليمنيون بلادولة إعتمدوا فيها على تجمعاتهم القبيلة لحل مشاكلهم وحماية أنفسهم مستجيبين لنكف قبلي في الظروف الصعبة .
 
هذا النكف عبارة عن دعوة للنُصرة والحماية والقتال في حالة العدوان، فرضته ضرورات موضوعية وذاتية للقبائل .
 
يُقال نكّف القبيلي قبيلته أو نكّفت القبيلة قبائل حليفة لها، أي إستدعوا نُصرتهم ضد عدو .
 
 
هذا المورث إختفى في معظم مناطق اليمن حتى الريفية منها بعد أن تسلل إليها التعليم، وتم تقسيمها وضرب كل مرجعياتها حتى لاتشكل خطر على المركز.
 
 
لكن ذلك العُرف بقي لدى قبائل شمال الشمال كثقافة ممزوجة بالعقيدة والجهل للحفاظ على القوة والسلطة وحماية مصالح النافذين فيها، ولكي لايفكر المواطن هناك بالبحث عن المساواة والنظام والقانون، وأن يبقى فقط مأموراً جاهزاً للقتال مُجيباً لداعي الإمامة والمشيخة والزعامة، حتى لوكانت الدعوة على باطل والداعي جاهل، فاسد، قاتل، مش مهم، المهم أن يكون المفضول أو الفاضل من الخُبرة ويحفظ مصالحهم، لذلك لم يقبلوا بالسلال والإرياني والحمدي والرئيس هادي، وقبلوا بأفَّاق القرن صالح الذي تفوق في تكريس النظام القبلي وجرف الدولة والعسكر والضباط الجمهوريين، وإشاعة الفساد والفتن وترسيخ حكم العائلة بأذرع عسكرية ومشيخية وتجمع مصلحي يُسمى المؤتمر الشعبي العام، غير إستغلاله لتحالفات متقلبة وغادرة مع شركاء الوطن، لتصل الأمور إلى نقطة اللاعودة مع الأطراف المقابلة المتمثلة بمشيخة آل الأحمر والفرقة الأولى مدرع وحزب الإصلاح ومعهم اللقاء المشترك .
 
 
ومع تضخم الفساد والبطالة وإنهيار الوضع الإقتصادي بعد حروب غادرة وإحتقان مجتمعي كبير حول كثير من القضايا خصوصاً تلك التي تحمل طابع طائفي ضد أكبر كتلة سكانية تحلم بالدولة والنظام والقانون كمحافظة تعز، كل ذلك كان قد هيأ الظروف المناسبة لإنطلاق حراك مجتمعي إبتدأً بالجنوب، ليمتد كثورة عارمة أشعلتها تعز وعمت كل أرجاء الوطن متأثرةً بثورات الربيع العربي .
 
 
نكّف الشباب المجتمع سلمياً فإنظم لهم قطاعات واسعة من مختلف شرائح المجتمع خصوصاً بعد جمعة الكرامة التي أحدثت نكفاً عالمياً متعاطفاً مع الشباب مما أدى إلى خلع صالح عبر المبادرة الخليجية، لتنطلق عملية سياسية نموذجية منّ فيها الله على اليمنيين برئيس وطني حمل الأمانة بشجاعة فائقة وأنجز أهم وثيقة سياسية وعقد مجتمعي ويتبنى حلم اليمنيين بدولة إتحادية مدنية.
 
 
تلك هي مانكّفت علي صالح لجيشه وقبائله والحوثيين ومن خلفهم إيران لينقلبوا جميعاً على الشعب بكل فئاته، وهذا أدى إلى نكف شعبي مقاوم ونكف عربي بطلب من الرئيس الشرعي، لتنطلق عاصفة الحزم التي عصفت بأحلام الإنقلابيين تماماً.
 
 
الصادم لليمنيين في كل ماجرى هو ذلك الجيش العائلي الذي رفض الإنصياع لرئيس شرعي منتخب ، وسلّم نفسه بكل مُعداته وأسلحته لمليشيات إنقلابية كهنوتية !
 
إتضح أنه ليس معنياً بالقسم والشرف العسكري ولايهمه نوع النظام إن كان جمهوري .. ملكي ..عربي .. فارسي .. شرعي .. غير شرعي ، المهم أن تبقى السلطة داخل ذلك الثقب الأسود الذي إبتلع الثورة والجمهورية المُسمى المركز المقدس !
 
 
تلك العقيدة القتالية يدفع اليمنيون اليوم ثمنها دماءً وخراباً وفي مقدمتهم تلك القبائل التي ترمي بأبنائها لمحارق الموت نَكَفاً ضد (العدوان ) بينما أبناء الهوامير يتفسحون في الخارج !
لكن في المُحصلة جميعهم يجنون ثمار مازرعوا وعلى رأسهم الراقص الكبير الذي إلتفت عليه الثعابين وإلتهمته لتتركه بوقاً تستفيد منه إلى حين ثم ستُجهز عليه .
 
 
سيرث الحوثيون ماتبقى من نظام صالح مؤقتاً لكنهم لن ينجحوا لأنهم لايتمتعون بكاريزما صالح الضاهرية على الأقل،   ومرفوضون شعبياً بعد كل مافعلوه ، ويُضيفون عليها الترويج لمشاريع ثيوقراطية قروأوسطية في القرن الواحد والعشرين وبقوة السلاح !
 
 
في الطرف المقابل المدني المقاوم ظهر نكف من نوع أخر ، نكف حزبي ضيق، لم يستطع جهابذة السياسة التخلص منه حتى في وقت حساس كالذي نحن فيه !
مش قادرين يتوحدوا ولو مؤقتاً تحت قيادة شرعية كفؤة ووطنية خلصتهم من مأزق تاريخي لم يكونوا ليخرجوا منه إلا بعد مائة سنة على الأقل .
بعض هذه الأشكال الكرتونية عاملة زوبعة مزعجة مستغلة إضطرار القيادة الشرعية لقبول الجميع وفقاً للمبادرة الخليجية التي نصت مناصفة الحكومة بين المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه  والتي كونت هذا الخليط المتسابق على ركام الخُردة.
هذا الخليط مُسبب أرق للمجتمع المحلي والدولي ومعرقل لبعض القضايا المُلحة كالمرتبات .
 
المرحلة صعبة ومعقدة وتتطلب أن يكون السياسيين في مقدمة القوم للتحرير ، بحاجة إلى نُخب ملتحمة مع شعبها ورافدة لأولئك الأبطال المُسَطرين أروع الملاحم التاريخية .
 
 
نُخب لديها دراسة موضوعية للواقع والظروف الإقليمية والدولية ، وتمتلك إستراتيجية وطنية لإستعادة وطن مسلوب وبناء دولة إتحادية .
تلك هي الوصفة السحرية التي يحملها الرئيس هادي لعلاج أمراض العصبيات المختلفة والتي يجب أن نقف خلفها .
فهي من ستجبر القبائل على الركون للعمل والإنتاج وليس العسكرة والمشيخة والسلطة وشئون القبائل .
 
 
وهي من ستجعل النشاط الحزبي الناجح لمن لديهم برامج ويقدموا خدمات على مستوى المديريات، وليس لمن يتقاسم المصالح والإدارات.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي