انتقام الجغرافيا

د. كمال القطوي
الجمعة ، ٢١ ابريل ٢٠١٧ الساعة ١٢:٣٢ صباحاً
لقد وجد الهادي الرسي بغيته في الهضبة الشمالية لليمن ، لقد باض فيها وفرخ ، إذ كانت البيئة التي انسجمت مع نظريته السياسية ، ومن تلك الهضبة كان مشروع الإمامة ينتفش، ثم ما يلبث أن يذوي سريعا بفعل المقاومة. 
 
 
صحيح أن المذهب الهادوي أعطى صبغة دينية للغزو الزيدي إلا أن السبب الأعمق  يتمثل في انتقام الجغرافيا ؛حيث وجدت الجغرافيا القاسية متنفسا في المذهب الذي يسمح لها بالتمدد على حساب الآخر تحت مبررات  (تكفير الغير) أو (دعشنته  ) فعندها لا يجد الظمير غضاضة في الإعتداء على الآخر لأنه في مهمة مقدسة ، وهذه زاوية تفسر انحصار المذهب الهادوي في الهضبة.
 
 
كما أن العقلية القبلية الرافضة لمنطق الدولة تشابهت مع العقلية الهادوية الثائرة على الدولة بإستمرار بخلاف الذهنية السنية التي رست على القبول بالمتغلب حرصا على الدماء وبحثا عن الإستقرار. 
 
فوجدت القبيلة بغيتها في مذهب يشرعن للفوضى المربحة التي هي المهنة الأساسية للقبيلة في تلك الجغرافيا القاسية. 
 
 
وعندما إنزاح المذهب بعد ثورة 26 سبتمبر وجدت القبيلة نفسها وجها لوجه مع مشروع الدولة ، وسقطت ستارة المذهب فلم تجد القبيلة بدا من صناعة نظام يتماشى مع رغبتها في الإستقلال والفيد ، وهذا ما حققه نظام عفاش في تحالفه العسقبيلي الذي نشأ بعد أن أطاح التحالف بنظامي الإرياني والحمدي ذي النفس الدولاتي. 
 
وهاذان وجهان من أوجه الصورة الشائكة في اليمن يساعدان على تشكيل رؤية بانورامية تقترب من حقيقة المشهد بغية التشخيص المؤدي إلى منظومة حلول متكاملة.
 
واليمن الحديث الذي نرنوا إليه ، يحتم عليه تحديث الهضبة ، وإنقاذها من نفسها أولا، ومن عبث الإمامة الذي طال أكثر من اللازم. 
 
#أصل_الحكاية
الحجر الصحفي في زمن الحوثي