كم كنت عنصريا !!

د. محمد لطف الحميري
الاربعاء ، ٠٨ فبراير ٢٠١٧ الساعة ١١:٤٢ مساءً
 
 
صديقي وابن قريتي اليمنية عبد الملك هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في تسعينات القرن الماضي، انتقل إلى عالم آخر في مدينة المال والأعمال وأصبح جارا للمهاجرين الأوائل الأنجلوساكسون بمنهاتن الذين أصبحوا الزبائن الرئيسين في نشاطه التجاري، لكن عبدالملك  لم يشعر قط أنه ينتمي لهذه المدينة أو لأمريكا التي أصبح يحمل جنسيتها، لم يندمج في تفاصيل حياة الأمريكيين، كان يشعر أنه مختلف وأحيانا كثيرة يتأفف من طريقة حياتهم، لكنه رغم ذلك بقي محافظا على خلق مهم في دينه وهو رد التحية بأحسن منها ربما لأنه تاجر والتاجر  كما يقال صديق الجميع، قال لي عبد الملك بعد مظاهرة يوم الجمعة 3 فبراير والتي وصفها كثير من المتابعين بالتاريخية لأن المهاجرين اليمنيين تنادو اليها من كل مدن ولاية نيويورك وأغلقوا أكثر من ألف متجر ومطعم وشركة ليظهروا للرأي العام الأمريكي حجم دورهم في المجتمع، بالتأكيد وصلت الرسالة الاحتجاجية قوية إلى دونالد ترمب الذي أصدر أمرا تتفيذيا بحظر دخول مواطني اليمن وخمس دول عربية أخرى بالاضافة إلى إيران ، 
 
 
وبالتأكيد وصلت الرسالة إلى قاضي سياتل الذي أصدر حكما أبطل قرار ترمب ، لكن الأهم من ذلك بعد هذه المظاهرة هي الحالة  الإنسانية والاجتماعية للمهاجر عبد الملك، لقد شعر بالفخر والاعتزاز عندما لمس تعاطفا كبيرا من كل جيرانه وزبائنه الذين لم يكن يرتبط معهم بأي علاقة سوى وجوده معهم  في مكان واحد،  كل زبائن عبد الملك يشترون منه في مساء ذلك اليوم المشهود ما قيمته دولار أو خمسة دولارات لكنهم يتركون له باقي العشرة والعشرين وحتى الخمسين دولارا وعندما يرفض عبدالملك تلك الأموال يقولون له هذا دعم بسيط منا لأنك خسرت جراء إغلاق متجرك لساعات ، لست وحدك في هذه البلاد نحن معك ويقولون أيضا لكل المهاجرين كما قال ذلك حاكم نيويورك أنا مهاجر مثلكم جاء أبي من إيطاليا جائعا بلا مال ولا وظيفة بحثا عن الحلم بحياة جميلة، كانت لهذه الكلمات ولذلك التعامل الرائع وقع كبير في نفس صديقي الذي أصبح يردد : يا الله .. 
 
كم كنت عنصريا ياعبد الملك ..كم كنت قاسيا في أحكامك على طريقة حياتهم .. أهؤلاء هم الذين كان يدعو عليهم إمام مسجدنا .. اللهم اقتلهم بددا ولقهم الردى ولا تذر منهم أحدا .. سأدعو من اليوم فصاعدا اللهم اهدهم ويسر الهدى لهم إلى دين الإسلام دين السلام والمحبة والتسامح بين كل البشر ، كيف لا وفي القرآن الكريم وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يحظ ويؤكد على كل هذه القيم الإنسانية.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي