الغير ظاهر في انقلاب تركيا!!

أحمد محمد مرشد
الأحد ، ١٧ يوليو ٢٠١٦ الساعة ٠٩:٤٥ صباحاً

وفق ماصرح أردوغان سابقاً أن انعقاداً لمجلس الشورى العسكري كان سينعقد ويتخذ قرراً بإحالة ثلاثمائة عسكري منتمون للكيان الموازي إلى التقاعد، فاستبق الإنقلابيون انعقاد المجلس للسيطرة على البلاد وإسقاط حكومة العدالة والتنمية ، لكن السؤال  الذي يطرح نفسه - رغم أنه ربما من المبكر طرحه بسبب تزاحم الأحداث المتصلة بالإنقلاب والناتجة عنه - هل كان أردوغان وحكومته على علم بهذا الإنقلاب ؟!!

 

يُشير سياق الأحداث إلى علم أردوغان وحكومته بالإنقلاب، وأنهم غضوا الطرف عنه حتى يتبين لهم أركان الإنقلاب في الداخل وجميع خيوط الإنقلاب الداخلية والخارجية  ، قد يقول قائل ما هي الأُسس الذي بنيت عليها هذا الإفتراض ؟

 

وسأجيب كالتالي : بنيت هذا الإفتراض من خلال متابعتي لأحداث الإنقلاب عبر وسائل الإعلام المختلفة ومن خلال وسائل التواصل الإجتماعي وتأملت رباطة الجأش الذي ظهر عليها أردوغان وحكومته والتناغم الشديد فيما بينهما، وإلى التصرفات المسؤولة الخالية من أي إنفعال، هذا أمر والامر الآخر الملاحظ  أن أردوغان وحكومته لم يكونوا متواجدين في مكانٍ واحد بل توزعوا بين المدن التركية، فلم يكن في أنقرة  غير رئيس الوزراء و وزير الدفاع  ، كذلك تم قصف الفندق الذي كان فيه أردوغان - حسب ما كان معلوماً ومؤكداً للإنقلابيين -  لكنه في الحقيقة لم يكن متواجداً فيه ، كما أن طائراته تم إعتراضها كما قيل ولم يكن متواجد فيها ، كذلك فإن ظهور أردوغان على وسيلتين إعلاميتين بوقت متقارب، وجه من خلالهما نداءً للشعب التركي للنزول إلى الشوارع للدفاع عن حكومته،  وتبع ذلك ظهور ثالث ورابع  ، هذا الظهور بهذا التوقيت  ورأسه مطلوب يدل على ترتيب مسبق وثقة أنه في أعلى درجات الأمان ، وأن هناك ترتيباً إعلامياً تم إعداده بعناية فائقة ، كذلك فقد وعد أردوغان بالنزول بين أنصاره وفعل.

 

توجيه التهمة إعلاميا للأنصار الكيان الموازي وحصر الأمر في الرتب الصغيرة والمتوسطة في الجيش مما أدى إلى تراجع بعضٍ من قيادة الصف الأول عن المضي في تنفيذ الإنقلاب مما أدى الى فشله .

 

من الأمور الملحوظة أيضاً مقدار التفاعل السريع لأعضاء حزب العدالة والتنمية وسرعة نزولهم الى الشوارع والمساجد بعد تلقيهم لرسائل sms، والرسائل الصوتية بالواتس لقيادة الصف الثاني والثالث لحزب العدالة والتنمية التي تُطمئن الناس وتطالبهم بالثبات.

كان واضحاً للعيان لمن يتابع أحداث الإنقلاب أن هناك خلية ( إدارة أزمة ) برئاسة أردوغان وعضوية رئيس الوزراء والدفاع والداخلية والعدل والخارجية ورئيس الإستخبارات تدير الأمور بحنكة عالية ، فكان لهذا السباعي حضورٌ طاغي في وسائل الإعلام،  وغيابٌ كاملٌ للإنقلابيين إعلامياً،  يُستثني من ذلك البيان الصادر بواسطة الإيميل من وزارة الدفاع ونفاه بيانٌ لاحقٌ من الوزارة ، والبيان الذي تم بثه من خلال التلفزيون الرسمي .

من خلال جميع المعطيات السابقة يتبين أن أردوغان وحكومته كانوا على علمٍ مسبقٍ بالإنقلاب، وأنهم تركوا الإنقلابيين يمضون في خطتهم حتى يقع جميعهم في الشباك المنصوب لهم،  وقد كان هذا أمام الشعب التركي والعالم،  والذي لن يستطيع أن يعترض على محاكمتهم حالياً بعد ضبطهم متلبسين بجرمهم.

السؤال الحالي هل انتهت اللعبة ؟

لازال من المبكر القول بإنتهائها ، لكنه من المؤكد أن أردوغان ورفاقه استوعبوا درس مصر جيداً وأعدوا للأمر عُدته ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي