الحرب وأطفال تعز ..!

طارق البنا
الثلاثاء ، ١٢ يوليو ٢٠١٦ الساعة ٠٨:٢٤ صباحاً
في تعز طغت الصورة الأليمة للأحداث على كل تفاصيل الحياة في المدينة ، ولعل أبرزها ما رسمه العيد على وجوه الأطفال !
 
من زاوية واحدة سأنظر للصورة ، لنعرف قدر فداحة ما أحدثته الحرب، في الذهنيات ، وفي العقول ، وحتى في أحلام الأطفال ، وألعابهم ..
في كل الأعياد تتنوع ألعاب الأطفال ، وتتعدد أشكالها ، لكن في هذا العيد ، كانت الالعاب المصممة على هيئة أسلحة، هي الغالب حد التعميم ، والمتواجدة بكثرة حد الاكتساح ..
 
احتكرت تلك الألعاب أيدي الأطفال ، وأخذتهم من فطرتهم التي يفترض أن تكون أبعد ما تكون عن مثل هكذا أمور !
في كل الحواري ، تجد تجمعات للأطفال ..
أصوات اللعب تعلو ، غير أنه يشبه لعب الكبار ، مع أنه يفتقد لنكهة الموت التي يتقن رسمها الكبار ، لكن مجرد تفكير الأطفال بهكذا أمور ، هو موت أيضا !
 
ينقسم الأطفال ، يتوزعون في مداخل الحي 
في أزقة المنازل، خلف السيارات ..
الكل يحمل أسلحته، ويبحث عن الطرف الآخر ..
 
تسمع حوارات تعبر عن الواقع على هيئة لعبة !
 
اكثر الأطفال بؤسا يضطره البقية للعب دور القناص الحوثي ..
فيما لديه من يساعده ، والغالبية يبقون كشباب للمقاومة!
بين الفينة والأخرى تعلو أصوات التكبير ..
 
مسدسات (الخرز) وقنابل الصوت تنبئ عن كارثة تجتاح ألباب هؤلاء الصغار ، ممن أضرت بهم الحرب نفسيا ، وسيحتاجون لعمل شاق وجهد كبير لإعادة تأهيلهم ، حين تنتهي هذه الحرب ، إن انتهت !
 
قبل يومين تقريبا ، كان أحد شباب المقاومة من أصدقائي يمر في إحدى الحواري ، وجاء على جمع من الأطفال ، يلعبون..
وجد "محمد الحكيمي" انتشارا حقيقيا للأطفال كجنود مدربين ، تمترس ، انتباه ، تخطيط ، وتعزيزات ..
 
مر قليلا ، ليفاجئ بأحد الأطفال يمشي نحوه بسرعة ، صارخا به : "فندم ، طهرنا التبة أنا والرجال ، ورجعنا الحوثة منزل ، وبنخرجهم قريب إن شاء الله"
ابتسم صديقي ، وقال باندماج : "خلاص اعملوا متارس وثبتوا أنفسكم في المكان" 
 
وذهب ...
فيما بقي الأطفال يكملون اللعبة العصيبة ..
 
وفي حين ينتهي هؤلاء الأبرياء من لعبهم ويعودون للضحك والتنازع على قطعة حلوى ، يبقى الكبار يتقاتلون بلا انتهاء ، ويبقى أبناء المليشيا يموتون ، فداء لسيد أو زعيم ، لا يريد نصيبه من الكعكعة ، بل يريد الكعكعة كاملة !
الحجر الصحفي في زمن الحوثي