حكايات من قلب المقاومة (ضاحة الرباح)

أحمد عثمان
الأحد ، ١٠ يناير ٢٠١٦ الساعة ١٠:٥٣ مساءً
دخلت جماعة الحوثي وصالح احدى قرى القبيطة دون مقاومة و اتجهت مباشرة الى الجبل .... كان الوقت ليلا والجو ملبد بالغيوم والقرية يلفها الحزن والقهر وعيون النساء والاطفال ترقب بهلع الكائنات الغريبة والتي يبدو عليها الجلافة والغطرسة والوحشية .
 
 
الحجة (زينب) كان صوتها يسمع الى خارج المنزل( الله  يسلط عليكم الهوام ويقهركم ياقادر ياكريم ذلحين مو جاؤوا يدوروا مننا) ؟
 
 
صعدت المجموعة المسلحة الى منتصف الجبل حيث الموقع الهام ليبدأوا بحفر الخنادق وترتيب الموقع ووضع الاسلحة الرشاشة في اماكنها ، بدأوا فورا بإطلاق النار لإرعاب الناس ، كانوا منتشين فلا وجود للمقاومة هنا فقد نجح العملاء بإقناع القرية (بالحياد) ومنع تواجد المقاومة وبعد يومين احضروا الحوثة الى القرية تحت عنوان ( الحياد) .
 
 
بالمناسبة (الحياد) اصبح عنوانا للخيانة والغدر منذ اعلان (حياد) الجيش وفتح العاصمة للمليشيا وتمريغ الشرف العسكري في وحل هذا (الحياد) السافل ؟
 
كانت قمة الجبل منطقة (عسرة) لايسكنها سوى( الرباح )والمعلومات التي اتتهم من (المتحوثيين) بان الجبل خالي .... ليبدأوا ليلتهم بالزوامل و(الشعار) ..
الموت لامريكا...الموت لاسرائيل.
 
 
كان الجبل يكاد ينفجر من الغيظ تماشيا مع حالة معظم سكان القرية المغلوبين والذين هرعوا الى الدعاء وبدأت الحجة ( زينب) ترفع صوتها( الله يكسركم مثل ماكسر حمار احمد غالب من راس الضاحة ... وما يلقطوكن الا بالجواني .. ذلحين اليهود عندنا ؟)
 
 
قبل منتصف الليل هدأت حركة المسلحين وضجيجهم بدأوا يستعدون للنوم والراحه والحراسة .. اشتد ظلام الليل وبدأ الغيم يتكثف اكثر و معه اقبلت الوحشة التي يتنفسها الجبل والغيظ الذي يفيض من القرية يتسلل بشكل غريب ونادر الى نفوس المسلحين و غاب النوم عن عيونهم واخذوا يتحسسون اسلحتهم مستشعريين خطرا ما ، يسال بعضهم بعضا عن شعور الخوف الذي داهمهم ليجزموا ان هجوما قادما على وشك الوقوع واعتبروه حدسا مرسلا من (السيد) ككرامة .
 
 
كان موقعهم مخيفا و محصنا ، الجهة الوحيدة المفتوحة هي اعلى الجبل لكن (المتحوث) ( مهيوب العسيق )الذي ادخلهم وهو احد اعيان القرية المجاورة كان قد اكد لهم استحالة الهجوم من اعلى الجبل ، فهو صعب و عسر، والمدخل الممكن لصعوده هو مكان الموقع نفسه .
 
 
ومع زيادة القلق رفع قائد الموقع التلفون ليجري المحادثة التالية مع المتحوث العسيق :
 
-- كيف حالك ايش الاخبار مافيش هجوم ولا اخبار من هانا والا من هانا ؟
 
-- لا اطمئن يابو صالح. 
-- وقمة الجبل ياعسيق ؟ 
-- عليا قمة الجبل عليا. 
-- قسما لو جاء شي والا شي منها لايكون الثمن الاراسك ياثعل ؟ 
 
-- انا فدا يابو(صالح ) احنا خدامينكم هنا الله المستعان مو جاء مننا انا يهمنا رضاكم انا (حميس) انا (فدا) ياشيخ يافندم ياسيدي ياااا ..
-- بس بس ارقد ارقد ياخضعي ، يغلق التلفون ؟
 
الوقت تجاوز منتصف الليل والجماعة تتأقلم مع الظلام ووحشة المكان وبدا بعضهم ياخذ مكانه للنوم والاخر لخدمة الحراسة ...لم يمر سوى وقت قصير ليستيقظوا على صراخ احد الحراسة (هجوووم )... استعدوا هجوم من طالع الجبل ، لينهضوا مذعورين على اصوات الجبل وهو ينحدر بسيل من الصخور واحجار قاتلة وبكميات كبيرة ويلحق الصخور اصوات انحدار لاقدام مقاتلين وهمهماتهم بصورة يبدو النجاة منها صعبا .
 
 
قال ابو(صالح) خانونا اولاد الكلب وهو يهرول نحو اسفل الجبل فارا بجلده سبقه ولحقه افراد المجموعة تاركين معظم السلاح والذخيرة فالهجوم النازل من قمة الجبل مرعب وواضح انه كمين محكم هكذا فهمت الجماعة المرعوبة فاعطت لاقدامها العنان ليمروا فارين مذعورين متحاشين الدخول وسط القرية فكل حركة يعتبروها كمين يوجه اليهم .
 
ابو(صالح ) افرغ عشرين رصاصة واكثر ليقتل حمار( محمد سعد ) التي كانت مربوطة في (حوية) جانب المنزل بمجرد انها عطشت عطشه (تش) يقفز بعضهم فوق بعض يصرخون يسقط احدهم من جدار ويكسر رجله مستغيثا فلم يلتفت اليه احد فالفرار كان سيد الموقف ليبقى الرجل يتوجع ويصرخ ( قلي يا ابو صالح ماجاء بنا الى هانا وين اليهود الان باتهرب وتسيبني ...الله المستعان ...اه ماهذه المصيبة التي اصابتنا ) ؟
 
الحجة زينب مازالت مستيقظة وصعدت الى سطح المنزل وهي تسمع وترى فرارهم بغير الصورة المتعجرفة التي صعدوا بها .
 
 هم الان اقرب الى الفيران الشارده من القطط الجائعة !
قالت وهى تتابع صراخهم (خذلكم الله ! الله قدير شخزيكم ربي انتم والي جابكن  القرية الله يكسركم ويذرذر دمكم بالمخالف والشعاب)
 
الموقع مع الفجر خاليا من المسلحين الذين نجوا باعجوبة لكنه كان ممتلئ بالسلاح والعصائر والاكل والقات ومؤنة تكفي لادارة معركة لايام طويلة
لقد تركوا كل شي وفروا من امام الهجوم المنحدر من الجبل ؟.
 
 
.اما المهاجمين من اعلى الجبل فلم يكونوا سوى الرباح (قرود ) الجبل !!... ومن يعرف قرود الجبال التي تسكن الاماكن العسرة لايستغرب ماحدث فهي تفر من الوادي امام النساء والاطفال لكنها تدافع عن اماكنها الشاهقة و(ضاحة الرباح) بشراسة وكلما كان المكان صعب ازدادت ضراوة القرود ضد اي قادم ، وعندما يحسون بمن يقترب من (ضاحة الرباح) خاصة في الليل يقومون بإلقاء ودحرجت الصخور وهي هنا خطرة وقاتلة كماتقوم هذه القرود بحركة جماعية كر وفر وصعود ونزول وهذا معروف ؟
 
وهي الحركة التي ارعبت الغزاة واعتقدوها هجوما كثيفا وجيشا نازلا من قمة الجبل ، وفي بلاد لايعرفون تضاريسها ؛ ليفروا من هلاك محقق ومفاجئ تاركين خلفهم كل شيء .
 
 
وهنا تسجل ( قرود) تعز اغرب معركة وتثبت بانها شاركت في المقاومة و طرد جيش العنصرية الغازية وبدأ الجبل والقرية والحجر والشجرة والقرود والحيوان والانسان وكأنها جسم واحد ينبض بالحرية وينشد نشيد المقاومة ليصعد خمسة من الشباب الى الموقع و يستولون على السلاح ويكونون اول نواة للمقاومة في القرية التي خدعت باكذوبة (الحياد) الغادرة و افتتحوا مقاومتهم بروح معنوية عالية، بينما بدأت الحجة زينب اشبه بقائد توجيه معنوي تحرض النساء والرجال على المقاومة :
 
(دافعوا على شرفكم مثل خلق الله ياعيالي مشجيوش الرباح احسن مننا) !
 
 
لقد كان نصرا بلا مقاتلين وغنيمة في معركة غريبة سموها معركة (الرباح) وبدأت شعارات (كلنا مقاومة ) وكأنها قوة سحرية تنطلق من النساء والرجال والاطفال وتكتب بكثافة على الصخور والبيوت و(ضاحة الرباح) التي اصبحت مفخرة لابناء القرية ومحل اعجاب وتعجب .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي