الحرب في اليمن ألاعيب سياسية وحسابات خاطئة !!

عبدالواسع الفاتكي
الأحد ، ٠٦ ديسمبر ٢٠١٥ الساعة ٠١:٠٣ مساءً
يعيش المواطن اليمني التفاصيل المأساوية ، لحرب مركبة الأهداف ، في وضع أشبه بكرة ملتهبة ، ليس بالإمكان ضبط تدحرجها ، أو التحكم بطريق سيرها ؛  ولذلك لايمكن الحديث في هذه الآونة ، عن إمكانية التوصل لحلول ، تؤدي لاستقرار وسلم دائمين في اليمن ؛ فالتصعيد الميداني ومسار المعارك على الأرض لاينبئان بقرب التوصل لحل ينهي الحرب بسهولة ، وأي حديث عن مؤتمرات ، هدفها الخروج بحل سياسي ، يفضي لأن تضع الحرب أوزارها ، في هذه المرحلة ، التي لا صوت يعلو فيها ، على صوت المعارك ودوي المدافع ، هو من قبيل ذر الرماد على العيون ، وأمنيات وكلام فارغ من أي مضمون.
 
 
المتابع الحصيف للشأن اليمني ، لابد أن يرى أن نسبة الداخلين في إطار مايسمى بالحوثيين ، ليست بالصورة المتخيلة في الأذهان ، مقارنة بنسبة وعدد المتحوثين ، وهم الأكثر حضورا وتأثيرا ،،في مجريات الصراع العسكري والسياسي في اليمن ، وجل هؤلاء مجندون رسميا ، ضمن ألوية الحرس الجمهوري والأمن المركزي ، الواقعة تحت نفوذ وتصرف المخلوع صالح ، بالإضافة للمجندين من المسحوقين من أبناء المجتمع اليمني ، الذين تم الاستفادة منهم ، وتوظيف حاجتهم وفراغهم ؛ للدفع بهم للانخراط في صفوف المقاتلين الحوثيين ، هذا يجعل الحوثيين ، يظهرون كمجاميع مسلحة ، لا تخرج عن حالة التوظيف والاستخدام ، من قبل المخلوع صالح ورجالاته في حزب المؤتمر الشعبي العام،  الذي يعتبر الحاضنة والحامل الاجتماعي والسياسي للحركة الحوثية.
 
 
استخدم المخلوع صالح الحوثيين ورقة رابحة ،  أمدته بالأموال الطائلة من السعودية ، أثناء زعمه محاربته لهم ، في الحروب الستة من 2004م إلى 2010م ، ومن قطر لرعايتها المصالحة مع الحوثيين ، ثم سعى من خلالهم ؛ لتحويث وتفخيخ الحوار الوطني ، بل والمرحلة الانتقالية ؛ لضرب قوى ثورة 11فبراير 2011م ، ومكوناتها من الداخل ؛ ليكن بمقدوره تصفية قادتها ورموزها ،  وحواضنها الاجتماعية والسياسية والعسكرية ،  وطمس معالمها ، بثورة مضادة ، حوثت المشهد السياسي العام ، بالسيطرة على صنعاء في 21سبتمبر 2014م ، وبإعلان سمي بالدستوري ، في 6 فبراير 2015م ، ثم إعلان الحرب والتعبئة العامة ، وصولا لتدشين الحرب الأهلية في الداخل ، واستعداء الخارج ممثلا بالمملكة العربية السعودية ، التي لم يكن أمامها إلا قيادة عمليات عسكرية ، تئد الخطر المحدق بأمنها القومي قبل أن يستفحل.
 
 
عندما يجتمع العجز السياسي للسلطة الشرعية في اليمن ، مع المكر العصاباتي ، تكن النتيجة مزيدا من الإيغال في مستنقع الدم والخراب ،  وانسداد أفق السلام ؛ مغبة إخفاق الرئيس هادي ، في توحيد صفوف كل القوى المناهضة لمليشيات الحوثيين وحليفها المخلوع صالح ، وليس هذا فحسب ، بل إنه يمثل عائقا كبيرا أمام توحيدها ، وبحساباته الخاصة والخاطئة ، في تقدير وتصنيف الأوضاع الداخلية ، واستناد التحالف عليها عسكريا وسياسيا ، مد في عمر المليشيات ، وهي عينها التي أوصلت اليمن لهذا المستوى من التدهور والاحتراب.
 
 
قدر اليمنيين أن يكونوا بين فكي سلطة شرعية ، تفتقر للرؤية الوطنية ، وذات نظرة قاصرة ، أضحت عبئا عليهم ، بدلا من أن تتحمل أعباءهم ، كما أنها لا تملك تواجدا فعليا وملموسا في معظم أنحاء اليمن ، وبين سلطة الأمر الواقع ، لمليشيات فرضت نفسها بقوة السلاح ، ووظفت مقدرات الدولة والمجتمع ، خارج شروط دولة المواطنة ،  وقدرهم أيضا ، أن يدفعوا ثمن تحول بلدهم لساحة حرب أهلية بحسابات إقليمية ، وأخوف ما يخافونه ، هو أن تنقلب الموازين والمعادلات ، وتلعب المصالح  والأهداف دورا بشعا ، يقضي بعودة من استباح دماءهم أو تاجر بها ،  ومن نهب ثرواتهم ، وبدد آمالهم في الرخاء والاستقرار ،  للسلطة بإطار جديد ،  كما أن عليهم الانكفاء عن أي ممارسات أو إملاءات ، لأي طرف داخلي أو خارجي ، لا هدف لها إلا استمرار العنف والصراع ، وعليهم أن يعوا ،  أنه لن ينقذ اليمن سوى وعي أبنائها ، بما يسعى إليه فرقاء الصراع ، ومن يقف خلفهم.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي