الإخوان بين الخليح وطهران !!

عبدالواسع الفاتكي
الأحد ، ١٨ اكتوبر ٢٠١٥ الساعة ١٢:٠٠ مساءً
ينما كانت المملكة العربية السعودية ، تقود حلف إجهاض ثورات الربيع العربي ، كانت إيران مشغولة بمد نفوذها ، في المنطقة ،العربية ، بدعم أذرعها الطائفية ، كحزب الله في لبنان ، والحوثيين في اليمن ، ناهيك عن دعم الأنظمة الموالية لها ، كالنظام السوري ، إضافة لملئها الفراغ ، الذي أحدثه انسحاب الأمريكان من العراق ، بدخولها في شراكة استراتيجية ، مع حكومة بغداد ، كل ذلك جعل الرياض ، تفكر جديا في كيفية مواجهة المد الإيراني ، الذي رأت أن إمكانية توسعه  ستزداد ، بعد إبرام إيران الاتفاق النووي مع الدول الست الكبرى ، ورفع العقوبات الاقتصادية عنها ، لكن السعودية وحلفاءها ، جعلت في الفترة الماضية ، من ملف محاربة جماعة الإخوان المسلمين، أولوية قصوى على الصعيد الإقليمي ، نجم عنه نتائج كارثية ، على الأمن القومي العربي ، فحدث بوادر تصدع مخيف ، لآخر منظومة عمل عربي (منظومة مجلس التعاون الخليجي ) ؛ نتيجة انتقال الخلافات بين أعضائها ، المتعلقة بموقفها من الإخوان المسلمين ، توجت بسحب سفراء السعودية، والإمارات ، والبحرين من الدوحة.
 
 
تخوفات الخليج من الإخوان ، فتح جبهات متعددة ؛ لحروب سنية - سنية ، شتت الأولويات ، وأهدرت الوقت والجهد ، وبددت الموارد البشرية والمادية ، وساعدت في صعود النفوذ الإيراني لمستويات خطيرة ، ووصوله لليمن الحديقة الخلفية للسعودية ، بالتزامن مع صعود داعش ، مما وسع من دائرة المصالح المشتركة بين طهران وواشنطن ، ودفعهما نحو عقد صفقة الاتفاق النووي ، بحيث لم يعد متاحا ، أن تكن الولايات المتحدة الأمريكية ظهيرا للسعودية أمام إيران ؛ أي أن الأمريكان أوصلوا رسالة للسعوديين ، بأنهم فضلوا أن يحل الخليجيون مشاكلهم بأنفسهم .
 
أيقنت دول الخليج ، لاسيما السعودية ، أنه حان الوقت لإنشاء حلف سني ، يجابه إيران بالتنظيمات السنية ، على شاكلة الطريقة الإيرانية ، التي تدعم تنظيمات شيعية ، خصوصا وأن طهران شرعت في هذه الآونة ، في تشكيل حلف إقليمي ، ظهرت معطياته في التدخل العسكري الروسي في سوريا ، بيد أن هناك عقبات تقف أمام الرياض ، فيما يتصل ببناء هذا التحالف ، أبرزها الموقف من حركات الإسلام السياسي السني في المنطقة ، بعدما أدرجت المملكة العربية السعودية ، في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ، جلها في قائمة الإرهاب ، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ، الأوسع انتشارا على المستوى الإقليمي ، إذ ترى الرياض، أن المرحلة تقتضي توحيد الصف الداخلي السني ؛ لمواجهة الخطر الإيراني ، بينما يرى محور مصر والإمارات ، أن الاستمرار في تصفية حركات الإسلام السياسي ، هي الأولوية في هذه الفترة ، ويعتبر أن ثمة تضخيم من السعودية للخطر الإيراني .
 
تورطت الرياض في استراتيجية مناهضة الإخوان المسلمين ، فدعمت انقلاب العسكر في مصر على جماعة الإخوان ، وحين جاءت متغيرات جديدة ، أرادت أن تهدئ من حدة العداء معها ، لكن حليفها الجنرال عبدالفتاح السيسي ، رافض لأي هدنة بينه وبين الجماعة ، وماض في خط تصفيتها ، ولا يقبل الدخول في أي مفاوضات معها ، وفي اليمن بعد أن غضت الرياض الطرف عن تمدد الحوثيين ، وتمكنهم من السيطرة على اليمن ، اقتضى الأمر دخول السعودية في نفق الحل العسكري ، الذي لم ترسم له نهاية حتى الآن .
 
اعتقد أن المعضلة التي تعيق تقدم السعودية ، في مواجهة النفوذ الإيراني ، وتداعيات الاتفاق بين طهران وواشنطن ، هي ملف جماعة الإخوان ، على اعتبار أنها تحتاج لوقف الاستنزاف الداخلي ، ولمد شعبي ، يواجه التطرف الإيراني من جهة ، وجماعات متطرفة أخرى ، كالقاعدة وداعش ، وهذا يتطلب الاستعانة بلاعبين إقليميين ؛ لاستعادة التوازن المختل لصالح طهران ، فتركيا مؤهلة للعب هذا الدور ؛ باعتبار أن فرص تحقيق قدر عال من التفاهم ، بين الرياض وأنقرة كبيرة جدا ، لاسيما وأن هناك تطابقا كبيرا بينهما ، في معظم ملفات المنطقة عدا الملف المصري .
 
 
من المهم أن يدرك الإخوان خطورة المتغيرات الإقليمية ، وأن يفصلوا بين حسابات الداخل والخارج ، والحسابات الآنية والبعيدة المدى ، وأن هناك حاجة لدور ما لحركة الإخوان المسلمين ؛ للتصدي للتهديد الإيراني ، وللحركات الجهادية السلفية ، ما يجعل من الضروري ، فتح باب التقارب بين الإخوان والأطراف الإقليمية المعنية ، وسيوجد بالتأكيد من يحاول رأب الصدع ، ومن يرى في حصول مثل هذا الأمر خطرا على وضعه ، وبقدر تفهم الإخوان وأنظمة المنطقة للخطر الإيراني ، وللتعاون الإيراني الأمريكي ، يكن التقارب والتباعد بينهما ، ويكن حشد طاقات وموارد العرب للحفاظ على وجودهم .
 
#‏عبدالواسع_الفاتكي
الحجر الصحفي في زمن الحوثي