الحركة الحوثية بين وهم الصعود وحقيقة السقوط !!

عبدالواسع الفاتكي
الاثنين ، ١٠ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ٠٥:٢٧ مساءً
سيطرة الحركة الحوثية على مفاصل الدولة المدنية والعسكرية في العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م بشكل سريع أثار الكثير من الدهشة والاستغراب لم يجعل الحركة وقيادتها تعزو تلك السيطرة لعوامل وظروف موضوعية داخلية وخارجية منحتها تسليم مؤسسات الدولة لها وإحكام قبضتها على المرافق الحيوية والسيادية بل فسرت تلك التطورات الدراماتيكية بما يتلاءم مع أيدلوجيتها السياسية والفكرية كحركة دينية أصولية فتوهمت أن هذه الإنجازات الخاطفة التي حققتها حقوق أرجعت لأهلها بتأييد إلهي ومباركة سماوية مما جعلها تلغي من قاموسها السياسي مفردة الهزيمة ولا تكترث لأي خسارة في صفوف مقاتليها
 
إن أداء الحركة الحوثية لم يكن مع الماضي فحسب بل هو أقرب لإعادة إنتاج كل سلبيات الماضي التي تخلصت منها شعوب العالم منذ فترة طويلة وبطريقة أسوأ فلجأت الحركة لشيطنة التحركات الاجتماعية واستخدام الوسائل الغير قانونية في مواجهتها ورفضت النقد وألجمت الإعلام وسيست الإدارة والأجهزة الأمنية وتخلت عن ضوابط الحكم الرشيد وأكتفت بترديد شعارات جوفاء من قبيل محاربة الإرهاب أو مكافحة الفساد واحتكرت تمثيل الشأن العام متخلية عن التوافق متنكرة لآمال وتطلعات اليمنيين ولتضحياتهم الجسيمة عبر تاريخهم النضالي الطويل متمسكة بخطاب متعال يخفي العجز الواضح لها ممتلئ بعقلية الإقصاء والإجتثات
 
قدم الحوثيون نمطا تسلطيا في ممارسة السلطة ولم يدركوا أن هيبة الدولة لن تكن إلا باقتناع المواطنين أن الدولة في خدمتهم وليست في خدمة عائلة أو فئة أو أي تحالف سياسي مهما كان وزنه كما أنهم لم يعوا أن التيارات السياسية الدينية كتيارهم المستندة في مشروعيتها على مصدر ديني مناف لمقاصد الدين ومصالح الناس في تفاعلاتها وسلوكياتها تؤدي لنفور المجتمع منها لأنها ليس لديها القدرة على التفريق بين المتطلبات والحاجات السياسية والمتطلبات الأخلاقية والقيمية التي هي محل اهتمام جميع الأديان ولا تملك إيجاد سبل التواصل مع مستلزمات التطور العلمي والثقافي والتقني ومن ثم فهي تتجنب سلوك أبواب النجاح في التخطيط المدني والخدمي وتعجز عن الوفاء بما يحتاجه الإنسان المعاصر
 
قدم الحوثيون أنفسهم للمجتمع اليمني متلبسين بأساليب كثيرة منها ما هو ديني ومنها ما هو ثوري كالقضاء على التدهور الاقتصادي والفساد الاجتماعي وأمسكت بزمام السلطة ومراكز القوة وهي لاتملك الفكر الوطني السليم ولا وسيلته ومنذ اللحظة الأولى لهيمنة هذه الجماعة التي تحمل أفكارا متطرفة مشحونة بالعدائية وروايات الخرافة  لم يخامرني شك في أن المصائب ستتهاطل على رؤوس اليمنيين لتلقي بظلالها الكئيبة على أوضاع اليمنيين المحتقنة أصلا بكل غبار السنين الماضيات ووقائع سنوات الجمر والعذاب لنظام حكم صالح وعصابته ولم يتسلل لنفسي  أدنى ريب بأن هذه الجماعة ستسقط سريعا كما صعدت سريعا بلا مشروعية سياسية أو مؤهلات علمية أو قيمية  وها نحن نعيش اليوم لحظة انهيارها كشيء مسلم به لمن يعي قوانين السياسة والتاريخ وحركة المجتمعات .
 
 
#عبدالواسع_ الفاتكي
الحجر الصحفي في زمن الحوثي