وعــــــــــادت عـــــــــــدن

فراس اليافعي
السبت ، ١٨ يوليو ٢٠١٥ الساعة ١١:٤٨ مساءً
كعادتها، تلفظ شواطئ عدن الطاهرة كل الأجسام الدخيلة على ثقافتها، فما بالكم بمليشيات متمردة بطشت وطغت ومارست أبشع أشكال الجرائم الإنسانية، وما جريمة قصف قارب التواهي إلا نموذج للقبح المتجذر في تجاعيد وجه المخلوع صالح، وحلفيه مراهق مرّان، عبدالملك.
 
للشهر الرابع تواليا، ملأت أجواء الحزن والتعاسة وجه عدن الجميل وأهلها. لكن عدن لا تعترف بالاستسلام مطلقا، كما عُرف في تاريخها، وكانت أول من حمل راية المقاومة في اليمن، رافضة أن يسلبها مدنيتها قوم لا يجيدون غير طاعة فرعونهم الأكبر، جاءوا من كهوف الجاهلية مشمّرين ثيابهم، يبحثون عن الجنة في عدن، كما أوهمهم لعينهم، بينما الأغبياء وسيدهم لا يعلمون أن جنتنا عدن، حاضنة الأديان والثقافات والتسامح مع كل من دخلها مسالما.
 
من المفارقات العجيبة، أن عدن وطهران، احتفلتا معا في ليلة واحدة، هي الليلة التي تجّرع فيها أوغاد المراهق والمخلوع مرارة الانكسار في عدن، بعد أن ظلت طهران على مدى السنوات الماضية حليفا كبيرا للحوثيين ومؤخرا لصالح، استخدمتهم كورقة شبيهة بأوراقها في الشرق الأوسط لتدعم موقفها في مفاوضات ملفها النووي مع كبريات دول العالم، وها قد تخلت عنهم بعد أن وقعت اتفاق النووي لتنهي أزمة دامت 12 عاما حوصرت خلالها اقتصاديا، وفي المقابل صرفت وجهها عن سلالمها بعد أن وصلت إلى غايتها.
 
عدن تخلع عباءة الحوثي وصالح التي أجبرت على ارتدائها مرغمة، وتتخلص الآن من رائحة هذه العباءة المقرفة، وينثر البحر نسيمه المنعش ليستبدل الأوبئة التي ابتليت بها هذه الحاضرة بسبب جثث متعفنة لرهط متعفنين، وبدأت بوادر الانفراج تلوح بالأفق بمساندة سيخلدها التاريخ للتحالف العربي المشترك بقيادة المملكة العربية السعودية، بتدريب مقاتلين وإنزالهم إلى ساحة المعركة مرورا بمدرعات وعربات ومعدات عسكرية حديثة، ووصولا إلى توفير غطاء جوي، إلى جانب الدور الفعال للمقاومة الجنوبية على أرض الميدان والذي بدوره أسهم بدرجة في تحقييق كل ذلك.
 
يبدو الجميع متعجلا هذه المرة للانتصار، فالمقاتلين متشوقين لمعانقة مدنهم وحاراتهم وتطهيرها من دنس الأوغاد، وفيما هم في غمرة ذلك بعد تأمينهم مدينة خور مكسر ومطار عدن الدولي، سوف يستقبل المطار أولى الوفود الحكومية العائدة من الرياض،في القريب العاجل لتباشر مهامها العاجلة الممثلة في تأمين جميع مناطق عدن أمام عودة الجميع، وإنقاذ الوضع الصحي المتهالك، وانتشال المدينة من كارثة إنسانية محدقة. بعد ذلك يأتي الدور على بقية المحافظات المحتلة.
 
عدن تنتصر..
الحجر الصحفي في زمن الحوثي