السعودية هدف استراتيجي ومصر جائزة كبرى !!

عبدالواسع الفاتكي
الجمعة ، ٠٣ يوليو ٢٠١٥ الساعة ٠٩:٢٦ مساءً
ما تعيشه المنطقة العربية من فوضى ودمار وهلاك للإنسان والعمران ليس وليد اللحظة هو حصيلة طبيعية لشعوب فقدت الإحساس بوجودها وأهدت كرامتها وحريتها رخيصة للاستبداد الراعي الرسمي لأجندة التآمر الخارجي الذي أسقطت مخططاته في بلاد العروبة والإسلام المعدة منذ عقود في مراكز البحث ومخازن التفكير بدقة منقطعة النظير فلقد أصدرت مؤسسة راند الأمريكية للأبحاث الموصوفة بأنها صانعة القرار والعقل الأمريكي تقريرا كتبه لوران مورافيتشي ونشرته مجلة الواشنطن بوست في السادس من أغسطس عام 2002م قبيل غزو العراق بحوالي ثمانية أشهر يوصي بغزو العراق كهدف تكتيكي سيغير من الشرق الأوسط وزعزعة استقرار السعودية كهدف محوري استراتيجي وأما مصر فهي الجائزة الكبرى  في نهاية المطاف لما لها من موقع ومكانة تاريخية وبشرية وحضارية بما يضمن تغير خريطة الشرق الأوسط لمصلحة الأمريكان وحلفائهم ولقد أكد هذا السيناريو ريتشارد بيرل بعيد احتلال العراق والذي عمل مساعدا لوزير الدفاع الأمريكي أيام ريجان فقال بصريح العبارة: إن احتلال العراق جزء من خطة رامية لتغيير خريطة المنطقة تشمل السعودية ومصر والجدير ذكره أن بيرل حث نتنياهو عام 1996م أن يسعى من خلال اللوبي اليهودي في أمريكا على غزو العراق كمدخل للتأثير على الدول المحيطة به 
 
 
في محاضرة ألقاها أحد المختصين الأمريكيين في المجال العسكري الاستخباراتي لا يحضرني اسمه الآن في مركز الأمن القومي الإسرائيلي 
في أغسطس 2012م أشار إلى أن أمام أمريكا لإفشال الثورات العربية الحرب الغير متماثلة التي يكن فيها عملاؤها وأنصار الأنظمة السابقة الأدوات الرئيسة في التنفيذ حيث تخلق الفوضى وتخلط الأوراق عبر دفع الجيوش لمواجهة الشعوب وحرف الأجهزة الأمنية عن مهماتها الوطنية فتتحول الدول لفاشلة أو إجرامية وبمساعدة أطراف داخلية تتخذ من أطراف داخلية أخرى أعداء تاريخيين يجري مد يد العون لها ليستمر الصراع بينها وبين القوى السياسية التواقة للديمقراطية خاصت الإسلامية ليتمزق النسيج الاجتماعي وتندلع صراعات أهلية طاحنة تهلك الحرث والنسل
 
 
الأحداث والوقائع التي تمر بها المنطقة كانت أفكارا على ورق فأضحت بأيدي الأنظمة العربية ماثلة للعيان فاحتلت العراق وبددت ثرواته وقتل شعبه ومن تبقى شرد وسلم لإيران ليخسر العرب الحصن الدفاعي الشرقي للجزيرة والخليج وحين جاء الربيع العربي لإصلاح المسار السياسي لوضع الأمة العربية في طريق البناء والتنمية تمهيدا لاسترداد حقوقها المسلوبة والوقوف بحزم ضد المخاطر المتربصة حركت أمريكا ذيولها العربية العسكرية والمالية للإجهاز عليه ففي مصر رعى الأمريكان وبتمويل خليجي انقلاب السيسي للقضاء على ثورة يناير وفي اليمن دعمت الحركة الحوثية وحليفها إقليميا ودوليا لالتهام ثورة فبراير أما في سوريا فمنع تسليح المقاومة وأطلقت يد الأسد الإجرامية ليؤسس لصراع طويل يستهلك مقدرات الشعب السوري البشرية والمادية ويقسم سوريا إثنيا وطائفيا يصاحب ذلك مد جماعات العنف بأسباب البقاء ليتم توظيفها لاحقا فيما يخدم الأمريكان ويقوض استقرار المنطقة
 
 
جاء انقلاب الحوافش في اليمن كجرس إنذار للسعودية والتي شرعت في مراجعة سياساتها في محاولة منها لإصلاح ما ارتكبته من أخطاء صارت تهدد أمنها القومي فسارعت لشن عمليات عسكرية ضد الحوافش وفتحت آفاقا جديدة للسياسة السعودية كاسرة حق الامتياز الحصري  الأمريكي فاتجهت نحو روسيا ثم فرنسا مما انعكس بشكل خطير على العلاقات الأمريكية السعودية يبرهن على ذلك تحريك أمريكا لملفات عدة فكان هجوم داعش على مسجدين في القطيف والدمام لإحداث فتنة طائفية وصرف نظر السعودية عن انقلاب الحوافش منشغلة بوضعها الداخلي ثم تسخين الملف المصري باغتيال هشام بركات كمبرر يستخدمه السيسي لتصفية الإخوان وتأزيم الأوضاع وزعزعة استقرار مصر  تجني منها أمريكا قطع الطريق أمام أي محاولة سعودية  تهدف للقيام بمساعي صلح بين الانقلاب المصري وحركة الإخوان ولزيادة استنزاف السعودية إذ أن السيسي ولوع بالمال الخليجي أكده تسجيل مسرب له سيطلب من السعودية بالذات أموالا لتمويل ما يسمه مكافحة الإرهاب وأمامها إما القبول ودخول مصر بحرب أهلية بتمويل سعودي الخاسر فيها شعب مصر والأمن القومي العربي وإما التحفظ أو الرفض وخروج مصر من التحالف العربي ضد الحوافش بحجة أن الأولوية هي لمواجهة الإرهاب
 
 
يدفع جيش مصر لأن يحارب الشعب ولتخرج مصر من دائرة الفاعلية العربية لتأكل نفسها والسعودية محاطة بداعش من الشمال والحوافش من الجنوب الذين يخطط لهم ويراد أن يلتحموا في معركة كبرى لتحرير المدينة ومكة من حلفاء الأمريكان والمؤلم أن الكثير من الدول العربية الغنية بالثروات لكنها فقيرة في صوابية السياسات إما للجهل بالواقع ومعطياته ومآلاته وإما أن من يرسم سياساتها  ليسوا برجال الفكر والسياسة ومراكز البحث والدراسات  بل يصغها أعداؤها الأمريكان محددين اتجاهاتها العامة وضابطين ايقاعتها الأمنية والاقتصادية وإن لم تغير من توجهاتها السياسية وتحرر قرارها بما يخدم مصالحها ويحافظ على الأمن القومي العربي فعليها أن تنتظر القادم القاتم .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي