خطاب سياسي بدون سياسة ولا واقع

نبيل سبيع
الاثنين ، ٢٠ ابريل ٢٠١٥ الساعة ٠٥:٠٤ مساءً
 
عبدالملك الحوثي يتحدث غالباً خارج السياسة، لكن خطابه اليوم كان خارج السياسة أكثر من أي وقتٍ مضى. وبدعوته لليمنيين بالصبر والصمود والتصدي حتى يأتي النصر، نصر الله طبعاً، أضاف مشكلة أخرى الى خطابه، وهو: أنه كان خطاباً خارج الواقع أكثر من أي وقتٍ مضى.
 
الحوثي أوصى اليمنيين برصّ الصفوف وتعزيز التكاتف الداخلي. لكن المثل اليمني يقول "لا توصِّي حريص"!
لو أن عبدالملك الحوثي خرج بنفسه الى مدينة يمنية، لرأى الصفوف اليمنية كيف ترتصّ صفّاً بعد صف وتطول وتزداد كل يوم:
صفوف مرتصة أمام محطات البترول بحثاً عن البترول والديزل،
وصفوف مرتصة أمام محلات بيع غاز الطبخ،
وصفوف مرتصة أمام محلات بيع القمح والدقيق والسكر والرز وكل الاحتياجات الحياتية الأساسية الأخرى.
وهناك صفوف ترتص بحثاً عن الماء. بدأ اليمنيون فعلاً يرصون صفوفهم ليس من أجل الحصول على "دبّة بترول" بل من أجل الحصول على "دبّة ماء".
 
بماذا أوصى الحوثي اليمنيين أيضاً؟
"بتعزيز التكاتف الداخلي".
أيضاً لا توصِّي حريص!
اليمنيون يقومون الآن بتعزيز "التكاتف الداخلي" على أكمل وجه، ولكنْ من أجل البدء في:
"الترافس الداخلي"،
و"التصارع الداخلي"،
و"التقاتل الداخلي"،
و"التناحر الداخلي".
وكل منطقة يمنية تتقيأ الآن ما بداخلها من كراهية وضغائن في وجه المنطقة الأخرى. وكل هذا طبعاً بمشاركة أساسية من الحوثي.
 
الغالبية العظمى من اليمنيين لا ينتمون لجماعة الحوثي، والمشكلة ليست هنا. المشكلة أن جماعة الحوثي حولت الكثير من هذه الغالبية الى خصوم وأعداء لها ولمناطق شمال الشمال التي أتت منها، وفي أفضل الأحوال الى كارهين. وإذا كان الحوثي وأنصاره يحبون الحرب ولا يكترثون بها، فغالبية اليمنيين لا يحبونها ويكترثون بها كثيراً لأنها تدمر حياتهم وبلدهم، وكان على الحوثي على الأقل أن يضع هؤلاء في حسابه وهو يتحدث الى "الشعب اليمني العظيم" لا أن يتحدث وكأن كل اليمنيين حوثيين. فالواقع يقول إن أغلب اليمنيين في الجنوب وعدة محافظات شمالية أخرى ينظرون للحوثي كمعتدٍ عليهم وعلى محافظاتهم بقدر ما ينظر الحوثي لإعتداء السعودية عليه وعلى اليمن.
 
الشعب اليمني في نظر الحوثي هم الحوثيون فقط، والبقية هم... ماذا؟ سموهم ما شئتم! لكنهم ليسوا جزءاً من "الشعب اليمني العظيم" الذي يخاطبه عبدالملك الحوثي.
 
عبدالملك الحوثي بحاجة ماسة لقول خطاب سياسي بقدر حاجة اليمنيين الماسة لعدم الاستماع مطلقاً لأي خطاب حرب.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي