العاصفة والحلول المطلوبة لآثار معقدة

عبدالواسع الفاتكي
الثلاثاء ، ٠٧ ابريل ٢٠١٥ الساعة ١١:٤٩ صباحاً
المنطقة العربية دخلت مرحلة جديدة أدركت فيها أن الخطر الرئيس لم يعد جماعات الإسلام السياسي هوخطر إقليمي ينطلق من مشروع طائفي يسعى للسيطرة على الدول من خلال جماعات طائفية محلية  مؤيدة له لذا فمن المهم وقف استنزاف أنفسنا بمعارك ضد بعضنا وتجاوز مشكلة إقصاء الإخوان  التي قدمت على مواجهة مخاطر منذرة باستئصال العرب  للتفرغ لصد النفوذ الإيراني وتأمين المد الشعبي اللازم لمواجهة مليشيات الملالي المتطرفة بالإضافة لتداعيات تقاسم النفوذ بين طهران وواشنطن .
 
 
جاءت العاصفة لتدل على الانتقال لمربع الهجوم و الاستعانة بلاعبين إقليميين كتركيا وباكستان  لإعادة التوازن المختل لصالح إيران ومن الحكمة  أن تلجأ دول الخليج لتحصين نفسها بشبكة من التحالفات العربية الإسلامية  لتغيير موازين القوى وضمان استقرار المنطقة  فخطورة الأحداث  وتسارعها  لا تجعل التعامل معها بالمنطق التقليدي مجديا ولا مناص من اتخاذ قرارات شجاعة سريعة بعيدة عن ترف سنوات من التفكير والاستعداد وانتظار الإذن من الراعي الغربي لكل مشاريع التدمير التي تنخر في جسد الأمة العربية .
 
 
عاصفة الحزم ردة فعل لتجاوز الحوافش كل الخطوط الحمراء   يجب البناء  عليها كي لانعود بعدها للمربع الأول فالمهمة طويلة وشاقة لمواجهة النفوذ الإيراني ومن الضروري ألا تتوقف الضربات الجوية إلا بعد تدمير الجزء الأكبر من القدرات العسكرية للحوافش  وأي توقف لها لأي سبب  خطأ فادح سيتيح للحوافش إعادة التموضع وبناء القوة و الإنطلاق من جديد في حملة قد لا تستهدف اليمن بمفرده  الحملات الجوية مهمة لكنها لا تحسم المعركة خاصة مع مليشيات مسلحة لذلك فالأنظار تتجه نحو السيطرة على الأرض  مدعومة بغطاء جوي وإسناد سياسي إقليمي وبموازاة فرض رقابة بحرية وجوية لقطع الإمدادات وحسم السيطرة في وقت قصير .
 
 
 مفاجأة العاصفة ألجأ الحوافش للمطالبة بوقفها  والعودة للحوار رغم إفشالهم كل جولات الحوار السابقة  ونقضهم كل الاتفاقيات وآخرها اتفاق السلم والشراكة الذي فرضوه بالقوة ثم انقلبوا عليه بعد ما ظن رعاتهم في إيران أنه بمقدورهم السيطرة على عدن وإطباق الخناق على الخليج الحوار قيمة نبيلة وهدف سام والسؤال هنا هل شروطه  وضوابطه تتحقق في الحوافش ؟ وهل التزموا بتنفيذالاتفاقيات والمواثيق التي أبرمت معهم على كثرتها بعد حوارات ماراثونية سمع بها الشرق والغرب ؟ نعرف أن الحوار مع الحوافش يعني  لهم كسب الوقت وتغطية تحركاتهم على الأرض  فتحولهم الآن دعاة حلول سلمية ومطالبتهم بالعودة للحوار دون تجريدهم من أدوات القوة  ليس إلا استمرارا لمسلسل صراع مصنطع يؤيده التغاضي عن حلول جذرية تغلق النوافذ أمام الأعاصير الملوثة لحياة اليمنيين فالحوار هذه المرة يجب  ألا يشارك فيه  الذين ارتكبوا جرائم بحق اليمنيين وعرقلوا الانتقال السلمي للسلطة وينبغي أن يكن من أجل بناء الدولة لا تقاسم النفوذ .
 
 
من السهل أن تبدأ الحرب ومن الصعب معالجة آثارها ولكل حرب أهدافها ويقاس النصر بمدى تحقيقها ولقد عزا كثير من الكتاب والسياسيين عاصفة الحزم لأسباب متعلقة بالأمن القومي الخليجي والملاحة العالمية ولو كانت هذه الأسباب وحدها هي الأهداف التي حركت العاصفة والتي ستوقفها دون أن يكن الشعب اليمني هو المقياس الذي على ضوئه يقاس نجاح أو فشل العاصفة فلتعلم دول الخليج أن الأمن القومي الاستراتيجي وثيق الصلة بأمن الشعوب  فإذا أكتفت بإزاحة نظام واستبداله بآخر مهمته محصورة في حراسة أمنها ورعاية مصالحها مذيقا للشعب كل صنوف الظلم  فإنها ترتكب بحقها وحق اليمنيين خطأين عظيمين الأول حين تساند نظاما يصادر حياة كريمة لليمنيين والثاني أنها لن تكن بمنأى عن الخطر وكل مساعداتها للحاكم ونظامه ستذهب هدرا وسيتحول  اليمنيون  إلى مشاريع انتقامية منها يستخدمهم النظام المدعوم  متى شعر بتضارب مصالحه مع الخليجيين مثلما يصنع صالح الآن فليس من اللائق أن يتم التغافل عن شعب بأكمله واختصاره بأفراد أو جماعات تبرزها الأحدا وتتصدر المشهد السياسي ويكن لها القول الفصل في مستقبل بلد لن نصله ما داموا هم عنوان المرحلة ومادام إخواننا الخليجيون ينظرون إلينا من خلالهم .
 
 
 ستضع الحرب أوزارها وسيذهب الحوافش للرياض وسيأمرون المليشيات بالعودة لجحورها لتنال وقتا للراحة ولتعد في أي مرحلة تقتضي ذلك أكثر عنفوانا من ذي قبل  وبانسحابها ستعطي عاصفة الحزم نصرا  كبيرا  تستحق من أجله المشاركة في السلطة الانتقالية والمناصب السيادية لا يعد هذا المسلك نصرا على المليشيات إنه نصر على اليمن وتبادل للمصالح مع جلاديه ولا أخالكم لذلك فاعلين أعينونا بعد أن أزحتم فريق الإخوان بجناحيه العسكري والقبلي  وها أنتم تزيحون الحوافش  أن نبني جيشا يمنيا ولاؤه لله ثم للوطن من كل المحافظات تحت طائلة الدستور والقانون كخطوة ضرورية لحماية استقرارنا واستقراركم فما محنة اليمن منذ عقود إلا لوجود هذا الجيش الذي أصبح سيفا مسلطا على الشعب لعل اللحظة مناسبة لنا ولكم بعد عاصفة الحزم وقبل الشروع في تنفيذ مخرجات الحوار في دعوة ما تبقى من الجيش الوطني الذين لم ينخرطوا في صف الحوافش والذين تم تسريحهم ودعوة كل من يرغب في الانتساب للجيش بمعايير وطنية لتكوين جيش قوي ينطلق من المناطق الخارجة عن الحوافش بقيادة الشرعية ليبسط سيطرته على كامل التراب الوطني يلي ذلك استعادة الأسلحة المنهوبة وتنفيذ ذلك بقوة الجيش الوطني ومساندة دول الخليج إذا لزم الأمر وأما إسناد تحرير الأرض للقبائل أو مناوئي الحوافش فما هو إلا إشعال جذوة حرب أهلية بين اليمنيين إن حصلت لا قدر الله لن ينجو منها أحد .
 
 
بالتأكيد ستقم دول الخليج بعقد مؤتمر لإعادة الإعمار والأفضل أن يكن ذلك ضمن خطة شاملة تنحو منحى الانتعاش الاقتصادي والقضاء على البطالة المنتشرة بشكل كبير بين الشباب الذين جزء كبير منهم اليوم هو وقود المعارك التي تطحن الوطن وفي الأول والأخير مساعدة اليمنيين في اعتماد وسيلة التداول السلمي للسلطة عوضا عن دعم أنظمة سلطوية شمولية لا تنتج إلا كوارثا علينا وعليكم .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي