عاصفة ستنتهي بمطر !!

عبدالواسع الفاتكي
الأحد ، ٢٩ مارس ٢٠١٥ الساعة ١٠:٢٦ مساءً
تمثل عاصفة الحزم تحولا خطيرا ومنعطفا دراماتيكيا يتجاوز الصراع الدائر في اليمن آخذا آبعادا إقليمية ودولية تعكس توسع النفوذ والحفاظ على المصالح الجيواسترات يجية والأمن القومي لمنطقة الخليج والجزيرة العربية لقد أصبح اليمن بين ثنائية لا مفر منها إما أن يظل جزءا من الكيان العربي ومحتفظا بانتمائه للعروبة والإسلام وحارسا أمينا لمصالحه ومصالح جيرانه وفاعلا في منظومة الدفاع العربي المشترك وإما أن يتخلى عنه العرب فيصبح منطقة نفوذ إيرانية تكمل إحكام الطوق الإيراني على الخليج من الجنوب بعد سيطرة إيران على العراق ونفوذها الكبير في سوريا ولبنان ولتتحول اليمن خطا هجوميا متقدما لطهران ومصدرا لتقويض استقرار وأمن الخليج المستهدف من التحالفات التي نشأت منذ تبشير وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس بمشروع شرق أوسط جديد تجلت ملامحه برسم خارطة نفوذ جديدة للمنطقة تكن بديلة لتقاسم النفوذ إبان الحرب الباردة تحت مسمى المعسكر الشرقي والمعسكر الرأسمالي الغربي فاتجهت الأنظار نحو القضاء على ما تبقى من روابط عربية مشتركة على صعيد الأقطار ثم المجتمعات  فكان غزو العراق عام 2003 وتدشين صراعات طائفية بدأت فيه وانتقلت لسوريا ولبنان وحطت رحالها في اليمن وأوكلت لإيران القيام بهذه المهمة  لتدمير الثروة البشرية والمادية واستهلاكها في غير مكانها السليم ولينقسم العرب في ثنائي طائفي شيعي تراعاه إيران وتؤازرها روسيا والصين وسني تتزعمه السعودية وتزعم أمريكا ودول أوروبية تأييدها له ومواقفها وتحركاتها تصب في مصلحة إيران بالدرجة الأولى وهذا ما تيقنت منه السعودية في الآونة الأخيرة فشرعت في تنفيذ عاصفة الحزم دون انتظار إذن أممي يقر في أروقة مجلس الأمن سيأخذ فترة .طويلة من النقاش إن لم يكن الفيتو الروسي والصيني جاهزا فالموقف الذي لا تستطع أمريكا اتخاذه لاعتبارات براجماتية تتخذه الصين وروسيا ولا يعدو الأمر كونه تبادل أدوار بين الأقوياء
 
 
ينبغي أن تكن عاصفة الحزم منطلقة من رؤية شاملة وحل متكامل وجذري للوضع اليمني غير محصور في تأديب صالح والحوثي وإخضاعهم للجلوس على طاولات الحوار واستكمال تنفيذ ما تبقى من المبادرة الخليجية وإضعاف أدوات القوة التي يستندون إليها في خروجهم عن المشروع الوطني بل والعربي في تحالفهم مع إيران فسلوك هذا المنحى غير كاف ولا يرقى لحجم الخطر الذي يهدد اليمن والخليج ومن شأنه أن يمتص الحوافش آثار عاصفة الحزم بتقديم تنازلات في نظري وهمية وقد بدأت تلوح في الأفق من خلال ظهور صالح مؤخرا ومطالبته بوقف العاصفة واستعداده للحوار وتعهده بعدم ترشيح نجله أو أي من أقاربه في الانتخابات المقبلة هذا لا يعد إلا ترتيب أوراق واستراحة محارب ليظهر صالح والحوثي في مرحلة لاحقة بشكل آخر ولون مختلف 
 
 
تستطيع دول الخليج أن تنهي العاصفة بأمطار الأمن والاستقرار والتنمية في اليمن إذا ما لم تكتف بضرب القدرات المادية والبشرية للحوافش المتمركزة في المعسكرات أو ضواحي المدن وعملت على نزع أسلحة الحوافش الثقيلة والمتوسطة باستمرار الضغط العسكري والسياسي بعدم الشروع في أي حوار يكن هذا الحلف طرفا فيه إلا بعد تخليه عن السلاح الذي يستخدمه لإعاقة المسار السياسي يتزامن ذلك مع إعادة بناء القوات المسلحة والأمن وتأهيلها ماديا وبشريا على نحو عاجل وتأخير انطلاق الحوار وتنفيذ ما اتفق عليه لحين الاطمئنان بأن الجيش والأمن الوطني لا العائلي هو القوة الوحيدة الضاربة في البلد وولاءه لله  ثم للوطن محكوما بالدستور والقوانين لا رغبات وأهواء الأشخاص فلتساهم دول الخليج في تشكيل جيش وأمن لا علاقة له البتة بالأفراد أو الجماعات أو الأحزاب يؤمن بالوطن ويأخذ على أيدي العابثين بأمنه خاصة بعد التخلص من مراكز النفوذ ممثلة بالفرقة الأولى مدرع وما تقم به الآن عاصفة الحزم من إزاحة الحرس الجمهوري وقوات الأمن الخاصة بعد انحرافهما عن دورهما الوطني فالفرصة جد سانحة لبناء جيش وأمن لكل اليمنيين يصون الحقوق والحريات صمام أمان اليمن والأمة العربية  ويردع هواة الفوضى وعشاق الحروب 
 
 
إعادة تأهيل اليمن اقتصاديا لا يقل أهمية عن الحل العسكري إن لم يفقه وتحسين معيشة المواطن اليمني وامتصاص البطالة سيوفر تأييداجماهيريا كبيرا لهادي وحكومته وللدور الخليجي في اليمن وسيقلل من فرص استغلال الحوافش لمعاناة اليمنيين المعيشية وتردي الخدمات وليس بخاف علينا استغلالهم لجرعة المشتقات النفطية وإسقاطهم صنعاء والمتاجرة بهموم المواطنين لجني مكاسب سياسية بالإضافة إلى انخراط الشباب العاطل عن العمل في صفوف جماعات العنف ومشاريع التدمير والذي لا يمكن الحد منه إلا بتعافي الاقتصاد اليمني وتشجيع الاستثمار لخلق فرص عمل توجه الطاقات نحو البناء والتنمية 
 
 
من الملح إحداث دول الخليج نقلة نوعية في البنية التحتية كالطاقة والصحة والتعليم فما تجد القوى المتخلفة حضورا لها إلا في بيئة الجهل مع التأكيد على سلوك خطاب إعلامي  يردم الهوة التي يعمل الحوافش على توسيعها في المجتمع اليمني ويطفئ نار التعبئة الخاطئة ضد إخواننا في الخليج ويرمم نفسية أتباعهم لينخرطوا مع إخوانهم اليمنيين في بناء يمن الأمن والازدهار ولن يتأتى هذا ما لم يلمس اليمنيون من إخوانهم الخليجيين أن عاصفة العزم أعقبها سقوط أمطارا أنبتت السلام وأدرت الوئام وفتحت أبواب الرخاء على مصراعيه لجميع اليمنيين ليتعافى اليمن ويستعيد دوره الحيوي في العالم العربي والإسلامي فهل ستعي دول الخليج عظم مسؤوليتها تجاه إخوتهم اليمنيين ؟ وتعمل على وضع حلول شاملة تنهي من خلالها  كل المعوقات التي تقف أمام استقرار اليمن أم أنها ستتخذ معالجات ترقيعية تقم بترحيل المعضلات وتأخير انفجارها لتتراكم وتنفجر دفعة واحدة فتبحث عن علاج لها بلا جدوى على دول الخليج أن تدرك تمام الإدراك بأن السرطان لا سبيل لعلاجه إلا الاستئصال 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي