التبشير بحرب التشطير !!

عبدالواسع الفاتكي
الاثنين ، ٢٣ مارس ٢٠١٥ الساعة ٠٩:٣٢ مساءً
لا يجدون أنفسهم إلا في ساحة الوغى ليس دفاعا عن الوطن بل لقتل أبنائه لا يتنفسون إلا روائح البارود وغبار التفجيرات السياسة عندهم عار وهوان وإن أرغموا على الجلوس مع السياسيين أو القعود على طاولات الحوار لا يطيب لهم عيش دون سماع دوي المدافع وأزيز الرصاص جبلوا على صناعة الموت الكلمة تؤذيهم والعمل السلمي يجرح مشاعرهم لا يمتلكون برامجا للبناء وليس لديهم مشاريع وطنية تؤهلهم لينتزعوا من اليمنيين شرعية انتخابية توصلهم لمرابض السلطة ومراكز القرار حيث يروق لهم الجلوس فلجؤوا لصناديق الذخيرة بدلا من صنادق الاقتراع فهي في نظرهم الشرعية الوحيدة التي يحترمونها ولا يعرفون للتسامح والتصالح مسلكا صدورهم تغتلي حقدا على الآخرين ولا تحلو لهم الحياة مع السلم والاستقرار فتفننوا في خلق أعداء يرمونهم بأخبث ما يضمرونه ويجعلونهم شماعة يعلقون عليها كل مؤامراتهم ودسائسهم بلا ريب أنكم تعرفون عمن اتحدث عن صالح والحوثي 
 
 
لم تكن دول الخليج حين صاغت مبادرتها مقتنعة بأن هناك ثورة يمنية تريد الخلاص لشعب من عقود من الاستبداد والنهب والإقصاء فأتت بمبادرة لامتصاص غضب اليمنيين ونقلت فقط المكان الذي يمارس فيه صالح سلطاته من دار الرئاسة لمنزله الذي لا يبعد عن دار الرئاسة سوى بضعة كيلو مترات ولم يكن صالح راضيا عن كل هذا التدليل فلا يقبل أن ينافسه أحد على لقب رئيس ولو كانت المنافسة شكلية وحين كشرت دول الخليج عن أنيابها تجاه الربيع العربي مد صالح يده للحوثي وعلى مرأى ومسمع من الخليج  الذي لم يكن طرفا موقعا على المبادرة الخليجية وأعلن رفضه لها لقيادة انقلاب يطيح بأي مكتسبات لثورة فبراير والمسلسل معروف ابتداء من تهجير دماج وانتهاء باجتياح دار الرئاسة بذرائع مختلقة مترافقة مع كل تصعيد يقضم كل دعائم الثورة 
 
 
في عالم السياسة فقد صالح والحوثيون الكثير وانكشفت أوراقهم ولم يعد بحوزتهم ما يدلسون به على الداخل ويحفظ ماء وجه الخارج المتآمر معهم وفي ظل الإخفاق في المسار السياسي الذي تعمد صالح والحوثي إفشاله تتصاعد حدة التوتر بشكل كبير وبعد إعلان ما تسمى اللجنة الثورية الحوثية التعبئة العامة للتصدي لما تصفه لتنظيم القاعدة وداعش المنطلقين من الجنوب هذا الإعلان اعتبره كثير من السياسيين بمثابة إعلان حرب من قبل صالح وحليفه الحوثيين ضد هادي المتهم لديهم بدعم التنظيمات الإرهابية مستغلين تفجير مسجدي بدر والحشوش وما حدث لقوات الأمن الخاصة في عدن ولحج لتحميل هادي المسؤولية 
 
 
تنبه وزير الدفاع محمود الصبيحي للتحركات العسكرية لصالح والحوثيين فأخمد تمرد السقاف قائد قوات الأمن الخاصة في عدن وقام بتأمين جبل حديد المحتوي على أكبر مخزن للسلاح في الجنوب وعين قائدا جديدا لقاعدة العند في مسعى لترتيب الوضع العسكري لتأمين الجنوب إذا ما تهور صالح والحوثي وأقدما على اجتياحه 
 
 
التعبئة العامة الصالحية الحوثية تعيد إلى أذهان إخواننا في الجنوب جراحا عميقة ربما كانوا قد تناسوها تذكرهم بحرب ظالمة شنت عليهم عام 1994 بزعم حماية الوحدة ولو تمادى التحالف الحوثعافشي وركب حماقته وأقدم على اجتياح الجنوب فإنه يقتل الوحدة ويدشن حربا شطرية ستقضي على كل نبض وحدوي جنوبي
الأمر جد مختلف عن 1994 فالذين سهلوا لقوات صالح دخول الجنوب آنذاك يقفون الآن في خندق المواجهة معه هادي على رأسهم كما أن   أبناء الشمال لن يقفوا مع هذا التحالف ضد إخوتهم في الجنوب ولن يكن مع صالح والحوثي سوى حفنة من المليشيات  العاملة بالإيجار أو قلة من العسكريين الذين رهنوا شرفهم العسكري لخدمة صالح ونزواته وفي المقابل سيصطف كل أبناء الجنوب مدعومين بسخاء من دول الخليج التي استشعرت الخطر   وأدركت حجم أخطائها
 
لعل صالحا وحلفاءه يريدون  الدفع بهادي ليعلن انفصال الجنوب ليقدم صالح نفسه البطل الذائد عن وحدة التراب الوطني وسيحاول رص صفوف الشمال تحت زعامته من جديد ليسترد إنجاز الوحدة اليمنية التي ظل يتغنى بتحقيقها في عهده وأن اليمن طالما تفككت بعد خروجه من السلطة لا بد من رجوعه لها ولو على الشمال فقط مؤقتا لاستعادة الوحدة اليمنية التي تآمر عليها خصومه بهذه الصورة سيظهر صالح نفسه في اعتقادي أن هادي لن يقدم لصالح هدية كهذه وما إن فكر هادي بأسلوب آخر وأعلن قيام إقليم الجنوب ضمن الجمهورية اليمنية الاتحادية  كما يريد ذلك شريحة كبيرة من الجنوبيين فإنه يمنح الحلف الحوثعفاشي مبررا لتسويقه كحام للديار وذائد عن الأوطان وأحسب هادي أنه لن يقدم على أي من الخطوتين السابقتين سيتجه بدعم مادي ولوجستي خليجي وباصطفاف جنوبي نحو السيطرة على الأرض وحصر الحوثي وصالح في الشمال وما أخشاه هو أن تستمر دول الخليج في التعامل مع الملف اليمني بنصف حل فتكتفي بتحصين الجنوب وتغض الطرف عن الشمال فيستغل الحلف الحوثعفاشي الوضع ليشعل صراعا شطريا ويؤسس لنزاعات مناطقية وحروب انتقامية تستهلك الثروات البشرية والمادية وتبدد الطاقات 
 
 
إعلان الحوثيون التعبئة العامة في صفوف مليشياتهم ومليشيات صالح هو تبشير بحرب عواقبها كارثية ستعزز الفرز الجهوي المناطقي وستدفع نحو فك الارتباط بالوحدة  اليمنية بدلا من فك الارتباط من قوى التخلف والاستبداد والفيد لا يحتاج اليمن لمزيد من الألم هو في مسيس الحاجة لمشروع وطني يوجد أرضية لاصطفاف وطني يتجاوز العصبيات المناطقية والطائفية ويقنع الجميع بأن هناك فسحة أمام اليمنيين للعيش معا بلا حروب تتعدى آثارها المتحاربين كأطراف لتمس حياة الشعب وأجياله القادمة 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي