الاغتيالات والتفجيرات إرهاب أم سياسة !!

عبدالواسع الفاتكي
الجمعة ، ٢٠ مارس ٢٠١٥ الساعة ١٠:٣٤ مساءً
الإجرام يذكرنا باستمرار بمهمته الرئيسة وهي إلحاق الألم والمعاناة بالناس وفي بلادنا لا يكاد يمر أسبوع على الأقل دون حدوث اغتيال أو تفجير أو تخريب في انتهاك صارخ لأمن واستقرار الوطن والمواطن فاليمن فيه قوى داخلية تحترف صناعة الأزمات وأياد خارجية تستغل الصراعات السياسية والمسلحة فتجعل اليمن ساحة مفتوحة لمخابراتها وعملائها من اليمنيين الذين يجري تجنيدهم في ظل ظروف صعبة في مسعى يرمي لتشتيت الجهد الرسمي للنظام الانتقالي الناشئ بما يحقق الارتهان لتلك الأيادي الخارجية أو حلفائها في الداخل 
 
من الواضح أن الاغتيالات والتفجيرات في اليمن تتزايد مع المراحل المفصلية من عملية الانتقال السياسي أي أنها لم تعد أعمالا إجرامية وإنما أعمال توظف سياسيا لتصب في مصلحة أطراف متضررة من التحول السياسي تسعى جاهدة لإشعال الفتن وتحويل اليمن لساحة للفوضى وتعمل على تأجيج مشاعر البغض والتنافر بين فئات المجتمع اليمني الذي يتكئ على عبء تاريخي دموي يجتره مع كل لحظة فوضى أو انكسار بما يدفع كل فئة 
تفسر ما يصيبها من إقصاء أو حيف بمنزع ذلك الإرث القبيح الذي صنعته قوى تصارعت على ترابه بالأمس وتتفانى لذات الغرض اليوم 
 
 
كثرة الأطراف المتصارعة يجعل مسألة التصديق اليقيني ببراءة أي منها تكاد تكن منعدمة في ظل إقحام أطراف دولية وإقليمية في مضمار ما يجري وهو ما يجعل من هذا الأمر أكثر تعقيدا وتحيط به الكثير من علامات الاستفهام وعليه فإن البحث عن الحقيقة يستلزم طرح سؤال مركب و محوري ومهم هو من المستفيد من تلكم الجرائم ومن المستهدف منها ولماذا يستهدفون ؟فالمؤسسة العسكرية والأمنية نالها نصيب كبير من الاغتيالات والتفجيرات ولعلنا نعرف أنها شهدت انقساما حادا عام 2011 إبان ثورة فبراير ما بين مؤيد لصالح وبين مؤيد لمعارضيه وعلى الرغم من إعادة توزيع الجيش وإزاحة قياداته العليا السابقة إلا أن عمليات الثأر بين مؤسساته تبعا لولائها لم تنته بعد وهذا يفسر استهداف عمليات الاغتيال بعض ضباط وجنود القوات الجوية بعد تغيير قيادتها لأن بعض أطراف الصراع ترى في هذا التغيير إخلال بمعادلة النفوذ والقوة أمام خصومها فنفذت جملة من الاغتيالات لمنتسبي القوات الجوية الذين تراهم غير محسوبين عليها بالتزامن مع سقوط إن لم يكن إسقاط عدد من طائرات النقل أو المقاتلة التابعة لسلاح الجو 
 
 
اغتيل ضباط عاملون في سلك الاستخبارات لما يمتلكونه من ملفات ومعلومات خطيرة متعلقة بالوضع الأمني في اليمن وذات صلة بكثير من الجهات والشخصيات العابثة باستقرار الوطن وحتى لا تكن هذه الملفات والمعلومات في يوم ما معروضة أمام الرأي العام أو أمام القضاء آثرت الجهات المتضررة من ذلك دفن هذه الملفات والمعلومات بدفن أصحابها 
 
 
في حسابات من يقف وراء الاغتيالات والتفجيرات أن استهداف الشريحة العسكرية والأمنية فقط لم يؤت أكله ولم يحقق كل ما تريده فاتجهت صوب الشريحة السياسية لإنهاء الصوت السياسي حتى ولو كان خافتا وإشعال جذوة الحرب الأهلية فاغتالت جدبان وأحمد شرف الدين والمتوكل وصادق الحيدري والخيواني لتهيئ بيئة الحرب وتخلط الأوراق لتتوقف العملية السياسية أو تنحرف عن مسارها ويفرض أمراء الحرب تواجدهم على الساحة اليمنية بسياسة القوة لا قوة السياسة 
 
 
ماجرى من استهداف لمسجدي بدر والحشحوش توجه خطير وكارثي يهدف لجر اليمن لحرب طائفية تضمن ديمومة الصراع لفترة طويلة وتكفل تحقيق أكبر قدر من الدمار والهلاك للإنسان والبنيان  اليمني فحين عجز هواة الحروب عن تفجير حرب أهلية عبر اغتيال العسكريين أو السياسيين أو تفجير منازل المعارضين ودور القرآن الكريم والجمعيات الخيرية يلجؤون اليوم لاستهداف المرجعيات الدينية وأماكن العبادة لإضفاء بعدا طائفيا على المشهد القائم بعد أن وجدوا أن استمرارهم في حلبة الصراع السياسي يفقدهم أوراقا كثرة 
 
نحن الآن أمام منعطف خطير يتم التعامل معه بسخف وسذاجة بتضليل الرأي العام وتجهيله فالفاعل موجود ويتسلى ويلهو في حديقته بجثث المئات من الأبرياء على إيقاعات أصوات الموتورات السياسية أو الأحزمة الناسفة أو السيارات المفخخة لإرواء عطشه الدموي وللوصول لأهدافه وضمان بقائه وتأثيره مستقبلا فاليمن يعاني من جرائم منظمة تديرها عصابات متمكنة بتمكين من يرون في مخرجات الحوار الوطني تهديدا لمشروعم الوجودي الراغب للسيطرة على مفاصل حياة اليمنيين بإشراف ودعم لوجستي ومادي من قبل متنفذين من ذوي الكسب الاقتصادي والسياسي غير المشروع لتنفيذ جرائم منظمة يروها تبث الرعب في قلوب اليمنيين وتضطرهم لمقايضتهم الأمن مقابل السلطة وليعي ذوي مشاريع العنف السياسي أنهم أول الخاسرين وأنهم لن يكونوا بمنأى عن دفع ثمن جرائمهم وأن كل محاولاتهم لإيقاد نار الفتنة وسفك الدماء ستذهب أدراج الرياح بعون الله تعالى ثم بصبر وحكمة اليمنيين المشهودة عبر تاريخ نضاله الطويل .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي