الخطباء الثلاثة واليمن المنكوب !!

عبدالواسع الفاتكي
الثلاثاء ، ١٧ مارس ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٥٥ مساءً
لاشيء في اليمن يوحي بالتفاؤل فالصراع المحموم على الساحة الوطنية قد بلغ مبلغا خطيرا اجتاحته ثقافة الكراهية والاستحواذ على المصالح بمعزل عن الآخرين وخطاب الإقصاء دليل واضح على فقدان الثقة بين جميع الأطراف وما يزيد من حدة الأزمات بروز قوى تعشق الفوضى وتقتات على العنف واستقرار الوطن ومصالح الناس غير وارد في حساباتها تحركها عقائد سياسية ودينية تتنافى مع أبسط مبادئ المشروع الوطني ويسيطر عليها خرافات أصولية أو جغرافية أوقبلية 
 
 
مساحة الألم التي تتسع يوميا  وهذا المنزلق الخطير الذي وصلنا إليه لم يكن نتاج غزو خارجي أو كارثة هلت علينا من السماء فأفنت الموارد وأهلكت الحرث والنسل هو صنيعة خطباء ثلاثة صالح وهادي والحوثي أعني عبدالملك الذين كلما حلت باليمن كارثة أو ألمت بها مصيبة هم خلفها ورعاتها يطل علينا ثلاثتهم بخطابات يحدثونا فيها عن وطنيتهم وتضحياتهم ويحذرونا من أعداء الوطن نائين بأنفسهم عن كل ما يحدثوه في اليمن من تمزيق للدولة والنسيج الاجتماعي لم أنعتهم بالخطباء لامتلاكهم مهارات الإلقاء وقدرات الإقناع ومقومات الخطابة فهم أبعد عن ذلك فالمدقق للغة الثلاثة يلاحظ أن لغتهم غير سليمة ومن لم تستقم لغته لا يستقم فكره وصفتهم بالخطباء لأنهم في ميدان الوطنية لا يملكون غير الكلام 
 
 
ظل صالح وما زال يتحفنا كلما زار مرفقا حكوميا أو افتتح مشروعا أو مرت مناسبة أو التقى بمجموعة من الناس  بخطابات كانت تحتفي بها وسائل الإعلام وتتناولها بالتحليل وتبثها أكثر من مرة لا تكاد تخلو من لغة الاتهام للآخرين الذين أعاقوه عن التنمية يترافق ذلك مع شطحاته المعروفة في التذكير بمنجزاته التي لا وجود لها إلا في مخيلته ومن الواضح للمتأمل في خطاباته الحجم الكبير للتناقض الفكري والاختلال النفسي إلى جانب تجنبه سلامة النطق فظل مثلا ينطق صعدة صعطة ويستخدم اسم الموصول الذي مكان التي بالمختصر المفيد خطابه فيه اختلال فكري يؤيده اختلال الخطاب نطقا ولفظا 
 
 
عبدالملك الحوثي استفاد من تجربة صالح الخطابية فمجمل خطاباته وإن تقمص فيها شخصية حسن نصر الله وحاول تحري سلامة النطق بيد أنها تحمل في طياتها النبرة الاتهامية والعدائية  ضد الإخوان المسلمين وأمريكا وإسرائيل كما يزعم والوهابية وعملاء قوى الاستكبار العالمي غارفا من القاموس الإيراني ما شاء كل أولئك هم مصدر الشر وسبب البلاء وما أتى وأنصاره إلا ليخلص الشعب من تلكم الرزايا !! والمصغي لخطابات عبدالملك الحوثي ينتابه استغراب شديد لتخبطه وتناقضه فما يثبته في بداية الخطاب ينفيه في وسطه أو آخره والعكس صحيح ولعله بهذا متأثر بالنهج الصالحي في الخطابة 
 
 
هادي وإن كان الأقل خطابة مقارنة بصالح إلا أنه الرئيس الذي يحتاج شعبه مترجما لخطابه قال أكثر من مرة أن العجلة دارت للإمام بكسر الهمزة بدلا من الأمام بفتح الهمزة وكنا نحسبها خطأ لغويا غير مقصود لكنه كان متذاكيا وكان يقصد أنه سيقودنا للإمام عبدالملك وهذا ما أثبتته الأحداث الراهنة وعندما سقطت صنعاء بيد الحوثيين خرج بعد يومين من السقوط ليقل صنعاء لم تسقط لم يكن صريحا بما فيه الكفاية ليقل صنعاء سلمت بإشرافه وقلت في نفسي  إما أنه لا يعي معنى يسقط أو لا يعرف الموقع الجغرافي لصنعاء أو أنه يعيش في كوكب آخر ويظل هادي في خطاباته  يصف المشهد وصفا سطحيا  وينقل إلينا الأحداث دون سبر أغوارها أو الاقتراب من عللها ويشكو للشعب عبء المرحلة وثقل الحمل في سياق تبريري للأمانة التي فرط بها حين أوكل له الشعب قيادة مرحلة انتقالية بعد ثورة شعبية آملا منه كنس قوى النفوذ والسلب والفيد لينطلق اليمنيون نحو المستقبل تحت ظل دولة مدنية عادلة لكن هاديا أصر على كنس الوطنيين وإفساح الطريق أمام حلف أكثر عصبوية وأشد تطرفا تمتزج فيه العصبوية السياسية والمناطقية والمذهبية 
 
 
الخطباء الثلاثة على اختلاف مواقعهم وتباين أدوارهم وتعدد خطاباتهم إلا أنهم متفقون تمام الاتفاق على أن تبقى اليمن أسيرة تحديات تهز كيانه ومخاطر تعصف به وأحسبني لا أجد عبارة تحكي تصرفاتهم وتصف سلوكياتهم غير قولنا أوسعونا كلاما وأودوا بالوطن !!
 
#عبدالواسع_الفاتكي
الحجر الصحفي في زمن الحوثي