الحوار اليمني المفخخ !!

عبدالواسع الفاتكي
الجمعة ، ٠٦ مارس ٢٠١٥ الساعة ٠٩:٤١ مساءً
 
كثير من الاتفافيات الناجمة عن حوارات يمنية ماراثونية بين الفرقاء على الساحة الوطنية تفضي إلى الفشل أو التأخير أو إلى أزمة أخرى جديدة ومن خلال وقفة واقعية ودراسة تحليلية لعدد من الاتفاقيات منذ اتفاق المصالحة بين الجمهوريين والملكيين في بداية سبعينيات القرن الماضي إلى وثيقة العهد والاتفاق مرورا بالاتفاقيات بين المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك وصولا إلى الحوار الوطني ومخرجاته واتفاق السلم والشراكة نلاحظ أن المتحاورين  هم مندوبون  لأحزاب أو أشخاص أو حركات مسلحة وليسوا محاورين وطنيين فتغلب مصلحة المتصارعين على مصلحة الشعب
وتتم هذه الحوارات مع غياب ممثلين مستقلين ووطنيين حقيقيين وما يصدر عنها يرسم تقاسم مصالح في إطار حزبي أو شخصي وليس في إطار وطني كما يكتنف هذه الاتفاقيات في بعض بنودها الغموض فيبيت كل طرف استخدامه لصالحه مستقبلا 
وينأى المتحاورن بأنفسهم عن مكاشفة الشعب بجميع تفاصيل الحوارات مما يجعلها قابلة للتأويل كلا حسب ما يراه مناسبا له 
 
 
لكي ينجح الحوار كان لا بد من التمهيد لأرضية سليمة للحوار فكان من الضروري استكمال هيكلة الجيش والأمن كقضية وطنية سياسية بامتياز تعبر عن جوهر عملية التغيير المأمول للخروج باليمن من ضيق الحكم العائلي إلى سعة الحكم الوطني وما تحقق على هذا الصعيد لم يكن بالقدر الكافي والجاد ليعود الجيش والأمن للحاضنة الشعبية ولتجرد أطراف مشاركة في الحوار كصالح والحوثي من  مصادر القوة التي تكفل له إعاقة المرحلة الانتقالية وبلوغ الثورة لأهدافها الغريب أنه أقيلت  قيادات عليا في الجيش والأمن محسوبة على جناح صالح وعين مكانها قيادات أكثر ولاء له وبقت القيادات الوسطى والدنيا لم تبرح مواقعها كما صدرت تعيينات في المؤسسة العسكرية والأمنية لمقربين من هادي وفرخت الألوية العسكرية التي أعلنت ولاءها لثورة فبراير وتم القضاء على ترسانتها العسكرية وتسليمها لمليشيات الحوثي ليظل الجيش والأمن اليمني حبيس أدراج شخصية وأداة بيد اللاسياسيين واللاوطنيين لقمع القوى السياسية والوطنية الخارجة عن سيطرتهم وحماية لهم من المساءلة أو الانصياع للاتفاقيات وورقة تضمن ضمان نيلهم امتيازات ومكاسب ضخمة غير مشروعة وأكبر من حجمهم الحقيقي أو وجودهم الوطني إن كانوا يملؤون حيزا من الفراغ في هذا الوطن المكلوم 
 
 
كان من الضروري إصدار قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية لكن ذلك لم يحدث بسبب اعتراض بعض الأطراف على المدى الزمني الذي يجب أن يشمله القانون ومن القضايا المراوحة لمكانها والمثيرة للدهشة عدم حسم قضية المخفيين قسرا خلال ثورة فبراير والأرجح أنهم في سجون سرية غير رسمية لدى عناصر نظام صالح كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية 
 
 
العبوة الناسفة الكبرى للحوار الوطني وللمرحلة الانتقالية متمثلة بطريقة إدارة هادي للمرحلة بتركيزه على اختزال الاحتقان الشعبي المحتد في الشارع المحلي جراء سياساته المرتبكة وفشله في إدارة النظام الانتقالي في ظل وجود جماعة الحوثيين وحليفها صالح مستغلا تنافر مشروع إيران الداعمة للحوثيين مع المشروع السعودي في المنطقة باتجاه مضاعفة اللعب على ورقة القلق السعودي من توسع نفوذ الحركة الحوثية بالتوازي مع مواصلة.تقديم التسهيلات لسيطرة الحوثيين على مقاليد الأمور على أن يتم توظيف ذلك في سياق مساعي هادي لحث السعودية على التمسك به في رئاسة الدولة ولجأ هادي وفريقه لبعث إيحاءات للجهات الخارجية المؤثرة في الداخل اليمني بأن الدفع باتجاه انتخابات عامة ينتج عنها مؤسسات دستورية سيفضي لاستبدال النظام الحالي بآخر مرتبط بالحوثيين لإقناعها بدعم بقاء هادي بكل عجزه 
 
 
حد الحوار الوطني الذي لا يسمح بالخروج عنه وتجاوزه هو الجمهورية اليمنية وطيف الحوار هو الطيف السياسي بكل أنواعه وتوجهاته ما دامت منضوية في إطار القانون أما إذا كانت جماعات مسلحة أو كيانات متقوقعة حول فكر أو شخص لا ترقى لمستوى الجمهورية اليمنية كما هو الحال مع الحوثيين والمؤتمر  فجميع قواعد ومبادئ الحوار الوطني تؤكد استبعادها من الحوار ومن العملية السياسية برمتها مادامت هذه الكيانات تختزل الوطن بفكرها أو شخوصها كان الأجدر وضع ضوابط ترشد مشاركتها في الحوار وتراقب تصرفاتها خارج قاعات الحوار أما أن يغض الطرف عن نحرها للاتفاقيات وخروجها عن المواثيق الوطنية مع الإصرار على مشاركتها في الحوار الذي تهدمه واعتبار حضورها فيه شرعية وطنية للحوار فما هو إلا عبوة مؤقتة لنسف الاستحقاقات الوطنية  تنفجر متى أراد لها صانعوها 
 
 
مقتل عبدالكريم جدبان وأحمد شرف الدين لم يكن إلا في سياق إصابة الحوار الوطني في مقتل إذ أن المتضررين من الحوار رأوا أن مخرجاته سحبت امتيازاتهم وقطعت الطريق أمام نفوذهم أدبيا من خلال إقرار وثيقة الحوار الوطني فما بالك حينما تقر تلك المخرجات في دستور اليمن الجديد فتصير نافذة عندها أدركوا أن صفحتهم ستطوى وجبروتهم سيفنى فأسرعوا في الإجهاز على مخرجات الحوار عبر اغتيالات تبرر نكثهم لحوار شاركوا فيه وفي صياغة مخرجاته وكانت سعادتهم غامرة حين أهدى لهم هادي حجة جرعة المشتقات النفطية ليقضوا على العملية السياسة ويستولوا على مؤسسات الدولة 
 
 
حينما تكف الأبدان عن المصارعة تتحاور العقول بالأفكار وحين تحاور الكلمة الكلمة لن نحتاج سوى لطاولة حوار واحدة ومكان واحد ومتحاورين بعدد أصابع اليد وسنقل لابن عمر لا حاجة لنا بك فنحن أعلم بشؤوننا منك لكن أنى لنا ذلك والقذيفة تحاور الكلمة لتخرسها أو تعزف أناشيد وابتهالات الثناء لها ولا عزاء لكلمة تقبل أن تشارك في مسرحية هزلية عنوانها الحوار اليمني المفخخ !!
 
#عبدالواسع_الفاتكي
الحجر الصحفي في زمن الحوثي