دعم للشرعية أم شرعنة للانفصال ؟

عبدالواسع الفاتكي
الثلاثاء ، ٠٣ مارس ٢٠١٥ الساعة ١٠:٣٣ صباحاً
أغلقت بعض الدول سفاراتها في صنعاء المحتلة وفتحتها في عدن الشرعية رافق ذلك أن قامت وسائل الإعلام بدورها في تضخيم نقل السفارات وتسويقه للشعب اليمني على أنه موقف كبير وصارم من الإقليم والمجتمع الدولي ضد المليشيات الحوثية وأنه سيقلب الموازين وطاولة الحوثي المقلوبة أصلا! ! المهم أن يظل الحوثي محكما سيطرته على مؤسسات الدولة وعلى المدن والمحافظات التي غزاها ولا يوجد مانع من أن يكمل السيطرة على بقية محافظات الشمال لتغادر بقية السفارات صنعاء لتحط رحالها في عدن 
 
 
اعترف الأمريكيون أكثر من مرة بتواصلهم مع الحوثيين والتنسيق معهم في ما يسمونه مكافحة الإرهاب ولم يحتاج الأمريكان لفتح سفارة في مران وسيتواصلون معهم في هذه المرحلة أكثر من سابقتها دون الحاجة لسفير أو قنصل فالوسائل كثيرة والعملاء أكثر
 
 
قطع العلاقات الدبلوماسية بإغلاق أو سحب السفارات لا يعني قطعها على الإطلاق فدول كثيرة اختلفت مع أخرى وسحبت سفراءها لكنها بعد فترة  سرعان ما عادت العلاقات لوضعها الطبيعي بل قد تكن أكثر متانة  كما أن تلك الدول قد تفتح قنوات اتصال أخرى بعيدا عن الأعراف  الدبلوماسية المعروفة فأمريكا إبان الحرب العراقية الإيرانية خاصة بعد حادثة الرهائن الأمريكين كانت تزعم أنها قطعت علاقتها الدبلوماسية مع إيران لتأتي فضيحة إيران جيت كاشفة المستور مؤكدة تورط الإدارة الأمريكية بتصدير السلاح للنظام الإيراني 
 
 
أجدني هنا متسائلا هل نقل السفارات سينهي سيطرة المليشيات وماذا بعد النقل إذا بقي الوضع على ماهو عليه الآن ؟خطوة نقل السفارات بما تحمله من مدلول سياسي يتضمن عدم الاعتراف بسلطة المليشيات وتضييق الخناق عليها سياسيا وما يلحق ذلك من آثار اقتصادية غير مجدية  إن لم يرافقها إجراءات صارمة وسريعة لإعادة سلطة الدولة كاملة غير منقوصة في المناطق والمؤسسات المدنية والعسكرية  المحتلة من المليشيات ودول الخليج معنية بهذا الأمر أكثر من غيرها للمخاطر المحدقة بأمنها القومي وعليها ألا تربط مواقفها بالموقف الأمريكي ما لم فستدفع ثمنا باهظا مغبة استخدامها البوصلة الأمريكية لسياساتها الخارجية وهذه المرة إن أخفقت فوجودها على المحك وستستغيث عندئذ فلن تجد مجيبا ولا حليفا 
 
 
ماراثون الحوار بعد المكاسب التي تنالها المليشيات ينطلق برعاية ابن عمر وسيتكرر سيناريو المبادرة الخليجية فسنأخذ وقتا طويلا للإعداد للحوار والمؤشرات قد ظهرت في رفض الحوثي وحليفه المؤتمر الحوار خارج صنعاء وحتى يقبلان بالحوار في أي مكان يكن قد مضى عدة أشهر يلي ذلك المرحلة الثانية في أجندة ابن عمر والحوثي والمؤتمر وهي اللعب على وتر القضايا التي سيتم الحوار بشأنها ومن هم المتحاورون وسيستغرق ذلك أشهر أخرى وعندما تنفذ الأعذار سيقترح الحوثي وحليفه المؤتمر تأجيل الحوار لسوء الأحوال الجوية! !وخلال هذه الفترة الزمنية وصولا للحظة التوقيع على اتفاق سيطلق عليه ابن عمر بأنه تاريخي وعظيم تكن المليشيات قد انقضت على ما تبقى من محافظات الشمال ولن يكن هذا الاتفاق إلا تصريحا يمنح المليشيات تثبيت سيطرتها على الأرض وعلى القرار السياسي مستندة عليه كما استندت على اتفاق السلم والشراكة في انقضاصها على دار الرئاسة بدعوى خروج هادي عن هذا الاتفاق 
 
 
إذا لم يقم هادي بدوره في بسط سيطرة الدولة على كامل التراب الوطني وإذا لم يجبر المليشيات على تسليم الأسلحة المنهوبة وإذا لم يرفع الغطاء السياسي عن المتواطئين عسكريين أو مدنيين في تدمير الدولة وخيانة المسؤولية وإذا لم تقف معه دول الخليج أو تجبره على ذلك فإن دول الخليج وهادي ليسوا إلا مخرجين لمسرحية تمزيق الوطن، ونقل السفارات ليس دعم للشرعية بل شرعنة للانفصال.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي