الحكم بالجينات الوراثية

عبدالواسع الفاتكي
الجمعة ، ٢٧ فبراير ٢٠١٥ الساعة ١٠:٢١ مساءً
 
حين يفقد الإنسان إحساسه بالآخرين وعندما يختصر رؤية  الأفكار والكون والكائنات التي هو واحد منها برؤيته وعندما يتخلق بخلق إبليس العنصري السلالي حين حاور ربه متسائلا خلقتني من نار وخلقته من طين  تجده هو  الذي يتعصب لعصبة أو لحزب أو لأسرة أو لفرد لمجرد أن تجمعه بكل هؤلاء تسلسل جيني لحيوانات منوية وبمعنى أوضح لمجرد أنه يتصل بهم بنسب كان قريبا أو بعيدا
 
 
عصبية هؤلاء أكثر تطرفا من إبليس فإبليس تعنصر ورفض السجود لآدم تحت مبرر أنه يختلف في أصل الخلق عنه فهو من نار وآدم من طين وأنتم يامن تدعون أحقيتكم بالشرف والسيادة والتقديس والتمييز عن غيركم هل تختلفون في أصل خلقتكم عن بني البشر أم أنكم بشر فأصلكم وأصل البشرية واحد 
 
ثم أجدني أتساءل هل يستطع من يتباهى بنسبه أن يثبت أن نسبه نقي طاهر ظل محافظا عليه ومحصورا في نطاق أسرته بحيث أن التناسل يبقى محدودا في إطار السلالة ولا يتم تزاوج بينهم وبين الآخرين كي يسلم بالأمر لهم بأنهم من سلالة خالصة لا تشوبها شائبة وهل الادعاء بأن ألقابهم هي التي تجعلهم ينتسبون لتلك السلالة ليحصدوا ثمار هذا اللقب وليضمنوا تقديس الناس لهم وتميزهم عن خلق الله وأحقيتهم بالمال والجاه
 
هذا المنطق لا يستقيم مع شرع الله الذي نزل ليدعو للعدل والمساواة ورحمة للعالمين لا يمكن لرب البرية أن يجعل جزءا من ذريته عبيدا والآخرين سادة أو جزءا منهم محكومين والآخرين حكاما على الدوام 
إن الفهم الخاطئ للدين والجهل بأصوله وقيمه والاتكاء على التاريخ لتبرير أحقية الوصول للحكم هو خرافة يؤمن بها من ليس له واقع ولا يمتلك مشروعية تؤهله للحكم فلا مناص عنده من الرجوع للماضي ليبحث له عن مشروعية تسوق وجوده بين الناس
 
أريقت دماء كثيرة في العالم الإسلامي بحجة إرجاع السلطة المغتصبة للبطنين أولاد فاطمة الزهراء وتصوروا معي ماذا لو كان أولاد الرسول الذكور عليه صلوات الله وسلامه ماتوا بعد رسول الله وخلفوا ذرية وحصل لهم ما حصل بين الخليفة الراشد علي ومعاوية لا شك أن الكرة الأرضية ستباد عن بكرة أبيها بحجة إعادة الحق المغتصب لأهله
 
العرب يعيشون في قرن غير القرن الحادي والعشرين معيار الحق عندهم هو الجينات الوراثية لا القرب أو البعد من شرع الله ومقاصددينه وربما ستحصل معارك طاحنة لاثبات هذا النسب أو نفيه في مضمار تشكيل الحكومات وتوزيع الوظائف وسيكن عندئذ الغربيون  مهاجرين  عندنا يعملون في مختبرات فحص الجينات الوراثية ليفصلوا النزاع بين طرفين اختصما في أحقيتهما في وزارة أو منصب ما وسيهدي العرب للعالم اختراعاجديدا يريحهم من وجع الرأس بالانتخابات ألا وهو الحكم بالجينات الوراثية.
 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي