حين تكن الطائفية طريق البراجماتية

عبدالواسع الفاتكي
الجمعة ، ٢٠ فبراير ٢٠١٥ الساعة ٠٩:٤٩ مساءً
الطائفية هي نزوع فردي أو اجتماعي لتفضيل تفسير محدد أو مدرسة فقهية محددة لدين أو مذهب على سواها من الأديان والمذاهب مع الأخذ بتأثير ظروف اقتصادية وسياسية صفة تعصبية متشابكة مع مفهوم اعتبار الذات في تفضيل أبناء ذات المذهب أوالدين على غيرهم من المنتمين لمذاهب وأديان أخرى يتصاعد هذا النزوع متخذا أشكالا عدوانية تجاه المذاهب أوالأديان الأخرى وميلا للرفض لدرجة العزلة عن الآخر .
 
 
الطائفية نتاج تفاعل عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية تمس مباشرة حياة الفرد اليومية اختلطت مع مخاطر للهوية الثقافية للمجتمع مولدة توجهات اجتماعية عصبوية تجاه الآخرين المختلف معهم في تفسير المعتقدات الدينية أو الشريعة 
 
 
هناك الكثير من التحليلات المتناولة لعوامل ظهور الطائفية والتي وإن ركزت على الجانب السياسي والاقتصادي إلا أنها تغفل انعكاسات هذه العوامل على سيكولوجية الإنسان العربي فتراكم مشاعر الإحباط والعجز والشعور بالضعف وانعدام الأمن ألقت بظلالها عليه وقادته للتمسك بالآمال التي يمكن أن يقدمها أي حدث يعزز فرص التخلص من ضغط تلك المشاعر وصولا للاستقرار والتوازن النفسي ومن هنا كانت الآمال معقودة على الربيع العربي الذي رافقه أن فتح العربي عينيه عبر وسائل الاتصال والتواصل على حجم التقدم العلمي والتكنولوجي ومستويات الرفاهية التي تعيشها شعوب العالم فشعر بوقوفه عاريا على هامش الحياة في أسفل سلم التخلف والتبعية والحرمان مما دفع به أن يكفر بالدولة القطرية التي عجزت عن سد حاجياته ليرتد وينكفئ على ذاته للطائفة عله يجد ما فقده! !!
 
 
في خضم الحديث عن تحول وظيفة الطائفية إلى وظيفة دينية براجماتية لا دخل لها بالدين الذي نعلم أنه يرتكز على العمل في الدنيا لكسب رضى الخالق وابتغاء ثوابه في الآخرة رفع الطائفيون شعار المظلومية فبعدخروج العراق من الكويت عام 1991 م طرح موضوع مظلومية الشيعة بقوة و بعد احتلال العراق عام2003م أثار بول بريمر الحاكم الأمريكي للعراق مجددا هذه المظلومية كما ذكر ذلك في مذكراته وفي اليمن بعيد الحرب الأولى مع الحوثيين 2004م ضجت وسائل إعلام الحركة الحوثية بالحديث عن الظلم الواقع عليها وعند التدقيق في شعار المظلومية نجد أنها هم دنيوي لا علاقة لها بالدين ليس من ناحية كونها حلال أم حرام بل من جانب المغزى منها والمطالب المرجوة من رفعها من قبيل المشاركة في الوظائف الحكومية الكبرى وما يلحقها من امتيازات ومكاسب خارجة عن الدستور والقوانين النافذة مما يشير إلى تركيز الطائفة على المكاسب ومظاهر الترف الدنيوية بعيدا عن الدين ومبادئه والأدهى أنها لنيل ما تريده تستخدم وسائلا يجرمها الدين وترفضها الدساتير 
 
 
تحولت المرجعيات الدينية الطائفية إلى مؤسسات برجوازية في السلوك والمظهر مركزة فتاويها حول أمور دنيوية صرفة ليست ذات صلة بالدين والشريعة ففي العراق يفتي السيستاني بضرورة الاقتصاد بالكهرباء الغير موجودة أصلا ويلغي في فتاويه الجهاد نهائيا ويحث على التعاون مع الاحتلال الأمريكي ويعيش السيستاني وأبناؤه وأصهاره في بذخ مشهود وترف غير معهود 
 
 
الطائفية ليست موقفا دينيا أو التزاما بتشريع فقهي يفضل على ما سواه هي دعاوى دينية حرفت لتشكل غطاء على مطامع ورغبات دنيوية لا علاقة لها بالله ودينه 
 
 
لا يستقيم البحث في الطائفية دون الأخذ في الاعتبار أنها حالة مرضية كأي حالة من حالات الهيستيريا الاجتماعية التي تصيب المجتمعات عامة ونموذج نكوصي لمجتمع ظلت كتب التاريخ تتغنى بأمجاده لكنه اليوم يعيش حالة من التردي والتخلف ما يضعه على هامش الحضارة مالم يضع قدمه على طريق العدل والمساواة 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي