حلول خليجية تنتج مشكلات يمنية !!

عبدالواسع الفاتكي
الاثنين ، ١٦ فبراير ٢٠١٥ الساعة ٠٦:١٣ مساءً
اجتمعت دول الخليج لتحدد موقفا من الانقلاب الحوثي وكنت أتوقع أن تسحب سفراءها وبعثاتها الدبلوماسية خاصة بعد أن أغلقت السفارة الأمريكية مما يؤكد أن الموقف الخليجي لم يبلغ درجة عالية من الاستقلالية في اتخاذ القرارات فلم تتكلم السعودية إلا بعد زيارة بان كي مون للرياض وتصريحاته الداعية لعودة هادي وحكومته .
 
في اعتقادي أن السفارة الأمريكية لو لم تغلق لما أقدم الخليجيون على غلق سفاراتهم ولم تدرك دول الخليج كغيرها من الدول العربية أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن صمما كنظام عالمي ينظم تبادل المصالح ومناطق النفوذ بين الدول التي خاضت الحربين العالميتين وينزع فتيل الحروب بين الدول الكبرى فهل سمعتم بحرب عالمية أخرى. 
 
بعد تكوين الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتأكيد كلا صحيح أن دول الخليج تحتاج لموقف دولي لا يعترف بالحوثيين لكن هذا الموقف ضحك على الذقون فأمريكا وبنعمر ودول غربية كثيرة تعرف عن الحوثيين وعن الخريطة السياسية اليمنية عبر أدواتها الاستخباراتية ما لا يعرفه كثير من اليمنيين .
 
ومن هنا لو كانت صادقة لكبحت جماح الحوثيين بكبح روافعها صالح وجنوده وحزبه لكنها أرادت مساعدة هذه الجماعة بالسكوت عن تصرفاتها وبمنحها حضورا لافتا في المشهد السياسي كفصيل وطني لا مليشيات مسلحة دون أن يشترط عليها التحول للعمل السياسي وتسليم العتاد العسكري المنهوب للدولة فالمجتمع الدولي أهدى الحوثيين مكاسبا سياسية كبيرة وهو يعلم بحقيقتها وتوجهاتها كما أن الاستخبارات الغربية أمدت الحوثيين بمعلومات مهمة كان لها دور واضح في تسهيل تمددهم وتدخل طائرات الدرونز الأمريكية معهم في البيضاء دليل دامغ على وصول الحوثيين لهذا الحجم حتى ولو لم تعترف بسلطتهم أمريكا ودول غربية لن يخسر الحوثيين مكاسبهم التي حازوا عليها لأن الحوثيين سيتلقون نصائح من أمريكا ومن دول غربية كثيرة ومن ابن عمر بأن يقدموا تنازلات هلامية لا تؤثر في ميزان قوتهم من قبيل عودة هادي أو عودة حكومة بحاح أو الإبقاء على البرلمان مقابل أن يمنح الحوثيين حضورا قويا في المشهد السياسي والسلطوي يضمن ذلك نظام المحاصصة فلو عاد هادي وهذا في رأيي احتمال ضعيف لن تعد حكومة بحاح وستشكل حكومة جديدة للحوثي فيها نصيب الأسد ولو بقى مجلس النواب سيلبى للحوثيين طلب تشكيل مجلس وطني بجانب مجلس النواب والكاسب بلا ريب الحوثيين الذين يمثلون الكابح المعرقل لتطلعات الشعب وقواه الوطنية .
 
 
في كل الحلول التي صيغت والتي ستصاغ يهدى الحوثيون حضورا سياسيا وسلطة فعلية وذر الرماد على العيون بسحب السفارات مسحوق تجميل يغطي سوآت التآمر على كرامة وحرية الشعب اليمني .
 
لو افترضنا أن غلق السفارات وقطع المساعدات الغرض منه تأزيم الأوضاع أكثر وتعقيده .ولخلق تدهور اقتصادي مريع ليس عقوبة للحوثيين وإنما ليكن الحل باهظ التكلفة بحق اليمنيين لأن الغرب يدرك أن الحوثيين حركة مسلحة ذات بعد مذهبي وتركيبة ذهنية مغلقة على ماتؤمن به لن تتنازل عن ما جنته وستتمسك بمواقفها المتصلبة وفي ذات الوقت يعاني الشعب من تردي أوضاع معيشته فيثور على الحوثيين فيرد الحوثيين على الصوت بالرصاصة وعلى الكلمة بالقذيفة وسيقتل ويختطف ويعتقل ولن يجد الشعب سبيلا له سوى الرد بالمثل يعني أن الغرب يبغي من مواقفه تهيئة بيئة الحرب لا غير .
 
 
التهديد بإصدار قرار تحت البند السابع ليس حلا إذ أنه سيظهر للشارع اليمني أن من يعارض الحوثيين عملاء للغرب بترحيبهم ومطالبتهم بتدخل عسكري دولي أو هكذا سيقول الحوثيون وإن شاركت به دول عربية فالمعروف أن اليد الطولى ستكن للغرب كما أن الحوثيين سيقدمون أنفسهم أنهم حماة الديار من الغازي والمحتل ناهيك عن نتائج كارثية حلت بالعراق مغبة وقوعه تحت طائلة البند السابع .
 
 
لعل الخليجيين حين قدموا مشروع قرار لمجلس الأمن يدين الحوثيين وقوبل برفض روسي لم يعوا أن الغربيين يريدون منهم التقدم بمشروع قرار تحت البند السابع ليمرروه وبتمويل خليجي وتنفيذ غربي يفجرون حربا يدفع ثمنها الشعب أما الحوثيون فالغرب يراهم وباء إذا بدأ الجسد اليمني يتعافى سلطوا عليه هذا الوباء بتهيئة ظروف انتشاره وإذا توسع وبدأت مقاومة الجسد اليمني له استخدموا حملات مكافحة للوباء نيابة عن الشعب قاطعين عنه المناعة الداخلية محتفظين بالوباء ليطلقوه مرة أخرى كلما احتاجوه .
 
 
في بيان دول الخليح إشارة لتحميل الحوثيين مسؤولية سلامة هادي وبحاح ووزرائه وكان الأجدر بالبيان أن يحمل الحوثيين مسؤولية سلامة الشعب اليمني أيضا صحيح أن هادي يمثل رمزا لشرعية الشعب كونه منتخبا منه لكن اختزال المشكلة به وبرجوعه قصور في التناول والرؤية فعودة هادي لا تعني الشعب اليمني شيئا سوى برمزية انتخابه فماذا هو صانع لو عاد لرئاسة كان هادي طرفا فاعل في إهانتها وماذا سيقدم لشعب استأمنه على ثورته فغدر بها. وعلى احتمال أن هادي مغدور به فلا ثمرة ترجى من عودته فمثل هذا الرئيس لن يحرس مكتسبات الشعب ولن يكن إلا غطاء لقوى المكر والخداع التي ستربح برجوعه الكثير .
 
 
مشكلة إخواننا في الخليج أنهم في مواقفهم السياسية يتعاملون ويدعمون ويتصالحون مع الأنظمة لا الشعوب ولا يدركون أن الدعم والتصالح مع الشعوب السبيل الوحيد لاستقرارها واستقرار الخليجيين على المدى الطويل .
 
 
دعم الأنظمة مقابل حماية مصالح مصدر لاستنزاف الأموال بلا مردود ولصنع الديكتاتورية واستعداء الشعوب فالمصلحة الحقيقة مع الشعوب الباقية لا. الأنظمة الزائلة
دعمت دول الخليج انقلاب عسكر مصر فماذا جنى الشعب المصري من ذلك ؟وماذا استفادت دول الخليج فقط أوصلت لسدة حكم مصر من يتكلم عنها بإسفاف وينتقص منها بسخف وما نشرته قناة الجزيرة من تسريبات لحديث السيسي عن دول الخليج ليس بخاف على أحد
 
الخليجيون عليهم مراجعة مواقفهم تجاه الشعب اليمني لا من يحكمه يلزمهم عقد صلح مع الشعب ليس مع الحاكم عبر مساندة الشعب في تحقيق تطلعاته ونصرة ثورته أما دعم نظام يضمن مصالحها كما يتهيأ لها أو استبداله بآخر أكثر طاعة قنبلة موقوتة ستنفجر في أي وقت
بلا ريب المشكلة يمنية خالصة وإن كان للخارج دور كبير في أسبابها واستفحالها بيد أنها تبقى بأدوات يمنية والحل لن يكن عبر البند السابع سيكن يمنيا خالصا من خلال الوقوف مع القوى الثورية ومساندتها سياسيا وماليا ورفع الغطاء الممنوح لصالح وأعوانه الذين كان لهم الدور الكبير في الانقلاب على المبادرة الخليجية والذين رهنوا أنفسهم لصالح ونزواته 
 
ودعم القادة العسكريين الوطنيين ليلملموا الجيش الوطني لبسط سيادة الدولة على مؤسساتها وكامل أراضيها بتوفير غطاء سياسي دولي لهم وتقديم الدعم المالي المطلوب وقتئذ ستعد المليشيات من حيث أتت وسيختبئ قادتها في كهوفهم فهل ستقف دول الخليج مع الشعب اليمني وتوكل له حل مشاكله أم أنها ستستورد حلا خارجيا وتفرضه على الشعب لتتولد مشكلات لمشكلات ونبحث عن حلول لا وجود لها هذا مالا اتمناه
الحجر الصحفي في زمن الحوثي