عن المستقبل الشاب والمستقبل العجوز

أحمد عثمان
الاثنين ، ٠٩ فبراير ٢٠١٥ الساعة ٠٥:٥٠ مساءً
نتفش الباطل، الباطل لا وجود له إلا عندما يوجد خللٌ في أصحاب الحق؛ كأن يكونوا غير مؤهّلين لانتزاع حقهم أو عديمي الثّقة أو من أصحاب اليأس السريع يتسرب إلى أرواحهم.
إن اليأس هو عدو الشعوب الذي تنكسر بسببه في أول منعطف, بينما التحدّي والمصابرة والاستمرار هو حارس الحق وصفة الأبطال دائماً وأبداً.
 
 كانوا يقولون: «مع المدى يقطع الحبل الحجر» وهو مثل صحيح نراه يومياً في الآبار في الريف، هذا المدى هو التحدّي والقوّة الناعمة التي تشق الصخر حتى الصوت الدائم والمستمر يؤثّر، ولهذا يتحدّث التاريخ عن صوت الشعوب كفعل.
 
أعني الشعوب كونها صاحبة حق جمعي، فإن لها أكثر من وسيلة قوة منها الصوت المرتفع أو بحسب الوصف النبوي الشريف «كلمة حق عند سلطان جائر».
 
قوة الشعوب إذاً تحتاج إلى شروط؛ منها تجاوز الخوف؛ لأن المستبدّين والمعتوهين لا يحكمون بقوتهم بل بنشر الخوف، أما إذا تجاوز الناس الخوف فإن القوة الباغية تتقزّم أمام إرادة وحق الشعوب في الدفاع عن حقها وكرامتها و«ما ضاع حقٌ وراءه مُطالب».
 
الحقوق دائماً ما تضيع عندما يتنازل الناس عنها وعن المطالبة بها؛ عندها يغري هذا التنازل اللصوص لسرقة أموالك وحقّك وكرامتك ووجودك، وقد قيل: «المال السائب يعلّم الناس السرقة».
 
 هناك حقيقة ثابتة هي أن الحق لا يضيع عندما يحضر أصحابه، والحضور هنا يحتاج إلى إرادة واستمرار في كل الظروف والأحوال، فلا يسكت صاحب الحق عن حقّه إلا عندما يحصل عليه كاملاً، ولهذا كثير من الحقوق الخاصة والعامة تضيع بغياب أصحاب الحق وضعف إرادتهم أولاً, وبجرأة اللصوص ثانياً.
 
أما أصحاب الحق الذين يحملون الحق كمشعل حياة؛ فإنه لا يضيع ومن ثم لا تضيع الأوطان بهذا المسلك، الإصرار على الحق كمطلب دائم لا يعرف الخوف ولا اليأس ولا التوقف، والحضارات تُبنى بهذه الروح.
 
نحن بحاجة إلى تنمية روح الشباب التواق إلى حق لا باطل فيه وإلى كرامة لاذل معها ولا تعالٍ ولا تمييز، فروح الشباب هي روح المستقبل، وعندما يحافظ الشباب على حيويتهم يأتي المستقبل شاباً فتياً متطوّراً، وعندما يفقد الشباب حيويتهم وعنفوانهم وقضيتهم؛ يفقد المستقبل بهاءه ويأتي على شكل عجوز هرم لا أمل عنده ولا طموح.
 
 لدينا أمل وشعب كريم وشباب توّاق، وبه نعتقد أن مستقبلنا سيكون أفضل، رغم كل التعرّجات والصعوبات فإن المصاعب تزيد من صقل التجربة وبهاء المستقبل.
 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي