نظرية الفوضى المنظمة .. أبشِروا يا دول الربيع العربي

عبدالمؤمن شرف
الثلاثاء ، ٢٧ يناير ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٤٦ مساءً
 نظرية الشِّوَاش ـ التي أثبتها عالم الإرصاد / إدوارد لورينتز عام 1960م ـ من أحدث النظريات الرياضية الفيزيائية، وتترجم بـ( نظرية الفوضى ) .
 
 تحاول " نظرية الفوضى" أن تستشفَّ "النظام الخفي المضمَر" الذي يختبئ خلف هذه العشوائية ، أو الفوضى الظاهرة ، وأثبتت هذه النظرية أمُوراً مهمة ، تساعد في دراسة الحركات الفوضوية ، مثل الموائع السائلة ، والتنبؤات الجوية ، والنظام الشمسي ، واقتصاد السوق ، وحركة الأسهم المالية ، والتزايد السكاني .
 
 ومن خلال هذه التفاعل الفوضوي ، تثبت النظرية ، بأنه بداية حقيقية للنظام الفعلي والملموس ، وهناك إثباتات عملية واقعية ، حصَرها بعض المشتغلين بهذه النظرية ، وقالوا بأن هناك العديد من الوقائع التي تُدَلِّل على جدوى نظرية الفوضى ، وهذا ما جعل الكثير من العلماء والمحلِّلين ، ينظرون إلى الأحداث الظاهرة بشكل أعمق ومختلف ، وهو ما ظهر بما يسمى "بعلم اللامعقول" .
 
من هذه الدلائل والوقائع التي سأسرد بعضا منها ، ستجعلنا ـ بإذن الله ـ نفكر بأسلوب متفائل ، ونطمئن أكثر على كل ما يدور حاليا في وطننا العربي ، وربما العالمي ، ونستبشر بقدوم نظام قادم ، وتتمثل هذه الدلائل بما يلي :
 ـ أنت ترى ( نظام الكون ) وبالأخص "المجموعة الشمسية" سترى حركة عشوائية ، ومتداخلة ، ومتسارعة ، حتى يظن البعض بأن الكون يعمل بصورة فوضوية ، بعيدة عن النظام .. لكنك عندما تتعمق وتقرأ وتُعمِل عقلك ، ستدرك أن الكون يعمل بنظام دقيق ومحكم ، وما هذه الفوضى التي تتهيأ لنا ، إنما وراءها نظام كوني منسجم وبديع .
 
ـ عندما تقرأ عن ( الحرب الأوربية ) التي راح ضحيتها أكثر من 40 مليون قتيلاً ، هذه الفوضى العارمة من صراع وحروب وقتل وتدمير ، كانت نهايتها تشكيل نظام ( الاتحاد الأوربي ) بمجالِسه الموحّدة ، وعُمْلَتِه الموحدة ، وسياسته المشتركة ، وبنظام وتعاون يشهدهما العالم أجمَع .
 
ـ وأنت ترى في الصباح الباكر ( طلاب المدارس ) يخرجون من كل شارع ، ومن كل زقاق ، وهم يمشون بحركة فوضوية وغير منتظمة ، إنما لينتظموا في الأخير في طابور الصباح بصفوف مرتبة ، وبحركات موحدة ، ويدخلون صفوفهم بنظام من بداية الدوام وحتى نهايته ، ويأخذون دروسا متدرجة ، وينتقلون من صف إلى صف ومن مرحلة إلى مرحلة .
 
ـ وأنت ترى حركة ( خلية النحل ) وهي تعمل بحركات عشوائية ، ومتداخلة ، وبمهام غير معروفة .. لكنك تكتشف في الأخير ، بأنها تعمل وفق نظام محكم ، ووظائف موزعة بدقة ، وتعمل أشكالا سداسية متساوية الأبعاد ، وتخرج للناس في النهاية عسلا مصفى .
 
ـ وأنت ترى ( حجاج بيت الله الحرام ) وهم يأتون من كل فج عميق ، وبصورة عشوائية ، الظاهر فيها الفوضى .. لكنك تجد في الأخير ، بأنهم يجتمعون في صعيد واحد ، وينظِّمُون صفوفا دائرية حول الكعبة ، ويؤدون حركات مواحدة ، ويرددون شعارات متوافقة ، ويحكمهم زمن معين ، ويسيرون وفقَ نظام يُبْهِرُ العالم .
 
ـ وأنت ترى ( حركة الأسهم السوقية ) وهي تتداخل ، وتبدو في حالة فوضى واضحة .. إلا أنك تتأكد في الأخير ، أن هذه الفوضى تنتهي بنظام دقيق ، توزع نتائجه بموجب نسب دقيقة .
 
ـ وأنت تعلمُ بأنّ ( عصفاً ذهنياً ) فوضويا ، يوجد في فكر أي كاتب أو شاعر ، هذا العصف ، يجمع عدة كلمات وجمَل متناثرة ، ومفاهيم غير مرتبة ، وعناوين غير واضحة .. فتتفاجأ بخروج مقال ذو وحدة موضوعية واضحة ، وقصيدة محكمة رائعة مؤثرة ، سُبكَت وحبِكَتْ بإحكام ونظام .. حينها تدرك بأنه لولا فوضى هذه الكلمات والعبارات والأفكار ، لما خرجت نتائجها الفكرية المنتظمة . 
ـ وبناء على ذلك :
 فإن ما يدور من ( فوضى عارمة ) تعمُّ غالبية دول الوطن العربي ، خاصة تلك التي عُـرفت بدول الربيع العربي ، كـ( مصر وليبيا ، وتونس ، واليمن ، وسوريا ) بإذن الله تعالى ، ستُفضي في النهاية ، إلى ضرورة تأسيس ( نظام يُرضي الجميع ، بعد أن يكونوا قد جربوا مُخرجات الفوضى المدمِّرة ، وتوصلوا إلى قناعة كاملة ، تجعلهم يدركون بأن الأوطان تتسع للجميع ، وأن النظام هو البديل للفوضى المُدَمِّرة ، التي يدفع ضريبتها كافة الأطراف .
 
 دُمْتُم في سلام .. ودامتْ أوطاننا في استقرار ونظام .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي