متى تنتهي مشاريع الموت لنبدأ بمشاريع للحياة ؟!

سالم المجيدي
الخميس ، ١٥ يناير ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٠٥ مساءً
 يبدو أن الاستثمار في مشاريع الموت هي الأكثر رواجاً وازدهاراً هذه الأيام فبورصته في ارتفاع مستمر وأرباحه خيالية ،بينما الاستثمار في مشاريع الحياة تعاني من الكساد إلى حد الإفلاس، ليس في بلادنا فحسب بل وفي كثير من الدول العربية التي تسير بحسب الرسم البياني نفسه والمخطط الهندسي ذاته مع الاختلاف في بعض التفاصيل.. دعونا نتجاوز عبارات التنديد التقليدية حول ماحدث صبيحة يوم الأربعاء الماضي أمام نادي كلية الشرطة من عملية إرهابية بشعة للطلاب المتقدمين للالتحاق بهذه الكلية.. 
 
 
طلاب في عمر الزهور قدموا من محافظات عدة ،كان الكثير منهم يعدون الرصيف المجاور لنادي كلية الشرطة هو مأواهم وسط زمهرير شتاء قارس البرودة في الليل ولسعات حرارة الشمس في النهار كي يحظوا بفرصهم لرسم مستقبلهم.
 
المستفز والمقرف في آنٍ معاً أن دماء هؤلاء الضحايا تفرقت بين استهتار القائمين على كلية الشرطة ممثلة بوزارة الداخلية ،وبين استفزاز وانتهازية أنصار الله ،حيث لم نعد ندري إلى من أوكلت المهمة الأمنية في أمانة العاصمة فعلياً من أجل حماية أرواح الناس وممتلكاتهم هل إلى وزارة الداخلية والمسئولة نظرياً مسئولية مباشرة ،وهنا تكمن المصيبة الطامة أم إلى جماعة أنصار الله بحكم سيطرتهم ميدانياً على الوضع الأمني ،وهم من ابتدعوا ماسمي بما اصطلح عليه بـ«اللجان الشعبية» لحماية مؤسسات الدولة بدلاً عن الأجهزة الأمنية ،وهنا تكمن المصيبة والطامة تكون أعظم..الكارثة الكبرى تكمن أن «أنصار الله» ـ قيل ـ بأنهم كانوا يعلمون مسبقاً بتهديد القاعدة لعلمهم بأن أكثر من نصف المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة مصنفون على أنهم محسوبون على الحوثيين، وهو التصنيف المذهبي المقزز للقاعدة وغير القاعدة فيما هؤلاء الطلاب الضحايا هم يمنيون في النهاية..
 
السؤال الأهم هو: لماذا لم تقم اللجان الشعبية بحماية هؤلاء الشباب وتوفير الاحتياطات الأمنية لهم، وهم الذين يلهثون بلهفة للسيطرة أمنياً على كل مؤسسات الدولة؟!
 
لماذا كل هذا الاستهتار بحياة الناس والذي يصل إلى حد التواطؤ من قبل الأجهزة الأمنية واللجان الشعبية على حدٍ سواء..؟ فإذا كانت الأجهزة الأمنية ممثلة بوزارة الداخلية عاجزة عن حماية منشآتها ومنتسبيها عليها أن تعلن عن ذلك صراحة للرأي العام..
 
نفس الأمر ينطبق على «أنصار الله» ممثلة باللجان الشعبية إذا كانت قد عجزت عن حماية هؤلاء الشباب وأمام مؤسسة أمنية حيوية تعد مصنعاً للرجال فكيف لهم بعد ذلك أن يطالبوا بنشر لجانهم الشعبية في بقية محافظات الجمهورية بحجة أنهم قادرون على حماية الفلتان الأمني في هذه المحافظات ،وهي التي لم تستطع حماية طلاب أمام بوابة نادي كلية الشرطة بأمانة العاصمة..؟!! للأسف الشديد لايمتلك إخواننا في «أنصار الله» قوة الحجة والإقناع بقدر اتكائهم على وهم وغرور الطرف المنتصر الذي يحاول أن يملي شروطه على الطرف الذي يعتقد بأنه الأضعف ،وهي السلطات المحلية في بعض المحافظات والتي دائماً ماتسبقها تصريحات إعلامية مستفزة دون وضع أدنى اعتبار لردود أفعال أبناء هذه المحافظة أو تلك.
 
لقد حذرنا في مقال سابق أنه على الإخوة في «أنصار الله» أن يستفيدوا من أخطاء الآخرين ،وألا يسلكوا الطريق الذي سلكه الذين كانوا قبلهم فدفعوا الثمن غالياً، قلنا بأنه على الحوثيين أن يأتوا بالأفضل والمغاير ويحاولوا أن يكسبوا كل الناس وكل الأحزاب بعيداً عن لغة قوة السلاح أو إقصاء الخصوم والابتعاد عن محاولة فرض الأمر الواقع ،لأن كل تلك السلوكيات والتصرفات غير الناضجة تستدعي على الفور مشاريع الموت الأكثر فتكاً، والقائمة على القتل والذبح وزرع العبوات المفخخة في مدننا وشوارعنا من قبل القاعدة أو «داعش» بنسختها المطورة والتي تلعب فيها الأصابع الاستخباراتية الإقليمية والدولية دوراً قوياً فيها.. فمتى نبدأ في التفكير في الاستثمار في مشاريع للحياة بدلاً من مشاريع الموت المدمرة للحرث والنسل والتي لن يسلم منها حتى أولئك المستثمرين في مشاريع الموت أنفسهم وهم أول من سيدفعون ثمن مشاريعهم التدميرية.
< فرنساً تدفع ثمن مواقفها!!
 
صدقوني لن تجدوا أية قناة اخبارية أو محلل سياسي يخبركم عن السبب الحقيقي للعملية الإرهابية التي نفذت على الصحيفة الفرنسية «شارلي إدو» وراح ضحيتها عدد من الصحفيين ورسامي الكاريكاتير ورجال الأمن.. صحيح أن المنفذين قد يكونون من أصول عربية مسلمة بحجة الانتصار للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ،رداً على رسومات سابقة مسيئة للرسول الأكرم.. 
 
 
العملية ياسادة دبرت بحرفية عالية من قبل الاستخبارات الصهيوامريكية وبتواطؤ أفراد من الأجهزة الأمنية الفرنسية كي تغض الطرف عن دخول أفراد مدربين تدريباً عالياً محترفين على القتل بأسلحتهم الشخصية تقلهم سيارة في وضح النهار وفي قلب العاصمة باريس بغرض تأديب فرنسا على موقفها الأخير المؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية لمحاكمة الجنود الإسرائيليين على جرائمهم .. الموقف الفرنسي القوي والواضح أغضبهما وأغضب إسرائيل تحديداً التي انتقدت فرنسا علناً.. وفرنسا للعلم هي الدولة الوحيدة في اوروبا التي تمتلك قراراً مستقلاً بعكس بقية الدول الأوروبية الأخرى التي تسير في فلك الولايات المتحدة.. من هنا كان لابد من قرصة أذن لفرنسا ولو من باب البحث عن كبش فداء بغرض الإساءة للإسلام على يد أبنائه عن طريق تدريب جماعة إرهابية متطرفة تعمل لصالحها بغرض لفت أنظار العالم عن الحقيقة والتي ستتكشف إن عاجلاً أو آجلاً.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي