إلى شباب تعز

أحمد عثمان
الأحد ، ٠٤ يناير ٢٠١٥ الساعة ١٠:٥٤ مساءً
أمس رأينا مسيرة شبابية حاشدة في تعز, «بدعوة من الملتقى الوطني»، ليس غريباً عن تعز المسيرات السلمية بل غيابها، مسيرة أمس كانت استثنائية.. شبابها مزيج متكامل من نسيج تعز الجديد، هذا النسيج بدا أكثر تماسكاً وأكثر وعياً بما يدور وما يجب أن يفعله.. مسيرة باسم الجميع ومعبرة عن روح المحافظة بتماهٍ مع الوطن وتعز تنبض كالقلب. 
 
من أشد المخاطر التي تتعرض لها القوى المدنية هي تنافر قواها الفاعلة، خاصة الشبابية منها، ومنها يدخل أعداء الشعوب ليعبثوا بصورة لئيمة.. يبدو أن لكل شيء فوائد حتى التعثرات الشعبية لها فوائد، ومنها إنضاج القوى المدنية وتقاربها نحو فهم بعضها بتلاحم وطني وتراحم إنساني يمكنها من تشييد بنيان الثقة وامتلاك أدوات مرنة متعددة واستيعابية مبدعة.. وهذا أساس لأي بناء حضاري ووطني. 
 
 كثير من البلدان والثورات دمرت بسبب ثوراتها وثوارها، ليس لأنهم غير وطنيين، ولكن لأنهم غير موحدين وغير مؤهلين لإتمام الانجاز بسبب غياب الثقة وضبابية الأهداف، إضافة إلى غياب مسألة تبني البرنامج الوطني الواحد الذي تصب فيه كل البرامج والجهود. 
 
وحدة «المصب» تؤدي إلى تكامل الوسائل وتوازي الطرق والعيون والينابيع لتلتقي في مصب واحد.. وهناك في المصب سنرى شلال الوطن الهادر ونهره المتدفق بالعطاء والقوة والانجاز. 
هذه الأوطان لا تبنى إلا ببرنامج وطني متفق عليه على شكل مسلّمات وطنية، تقدم في سبيلها التضحيات والتنازلات بسلاسة وشغف.. وهذه المسلمات لا يتفق عليها ولا تصبح مسلمات كحق للجميع وغاية إلا في المجتمعات الناضجة التي تنضج تحت مطارق التجارب والمحن والتعثرات وأحياناً الانتكاسات. 
 
لا توجد انتكاسات في الثورات الشعبية، فكل تعثر يؤدي إلى تدفق نهوض، وكل انتكاسة تؤدي إلى تصحيح المسار هو انتصار. 
 
أعجبتني لوحة الحضور ولوحة وضوح الأهداف وروح التلاحم بين شباب المحافظة التي تصارع الأمواج بصدور وعقول وإرادة أبنائها، وهذا النوع من الكفاح يحتاج إلى وعي ووحدة، ومن دونهما يتحول كل شيء إلى هباء وعبث حتى المبدعون والمخلصون وكلهم كذلك يتحولون الى أشياء تالفة. 
الأشياء التالفة بأساسها أشياء صالحة وثمينة لم يحافظ عليها كما ينبغي، وهذه هي حكاية التلف والانتكاسات الوطنية. 
فيا شباب بهذه الروح الثورية والبسالة والتلاحم تكونون أنتم الأمل والقوة والمستقبل، ليس لتعز، إنما لليمن.. وللحفاظ على كل هذا اعتنقوا الحب لتستعذبوا التضحية وحاربوا الأنانية لتتخلصوا من عوائق النصر وتفخيخات الطريق. 
الأنانية وباء يسمم الوحدة ويفسد قيم الجمال والمدنية ويضعف روح الثورة والفداء. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي