تعز ليست «قبيلة»

أحمد عثمان
الأحد ، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٥١ مساءً
تعز المحافظة الحاضرة في كل المنعطفات، ليس لأنها جهة جغرافية، ولكن لأنها نقطة وطنية مكثفة تتفاعل فيها كل الأفكار وكل اليمن .. سكان تعز لو عملت لهم فرز ستجدهم موزعين من كل المناطق منذ القدم .. فمن يقدم إلى تعز يجد نفسه مواطناً أصيلاً. 
 
الكثير من التجار القادمين والرحالة والرعاة والعسكر والقضاة وعابري السبيل، قدموا وطاب لهم المقام مع الأرض والإنسان, ولهذا لا يمكن أن تقول «قبيلة تعز» لكنك تقول مدينة أو مدنية تعز ، ومن هنا تكون هذه المحافظة معبرة عن المستقبل و«ترمومتر» المزاج الشعبي اليمني من القضايا المثارة يفصح عنها هنا في تعز وتنتقل إلى اليمن كما يشرق الفجر إلى الأنحاء كلها. 
 
وهذه هي حكاية الثورات التي انطلقت من تعز بأبطالها وشهدائها لا يهم الأسماء وإذا نقبت ستجدهم من حضرموت وصنعاء والحديدة وإب وأبين وعمران وذمار ومأرب ومن كل محافظة .. إنهم اليمن !!. 
 
شربوا ماء واحداً وتركوا مهنة الحرب والسلاح كوظيفة وكفوا عن الارتزاق به وانطلقوا في الأرض والزراعة والتجارة والحرف في الداخل والخارج .. درسوا وتحاوروا وتشارعوا وتجادلوا ووصلوا إلى فكرة الثورة والدولة. 
هذه هي تعز التي هي اليمن، فلا داعي للحديث عن المناطقية عندما تدافع هذه المحافظة عن قضايا اليمن المصيرية وقيم الإنسان والدولة والجمهورية التي بدأت تحاصر ويوجه لها السهام , وهي قيم ومنجزات لا يمكن التفريط بها ولابد أن تستعيد عافيتها في تعز لتنطلق إلى بقية الأعضاء في كل الجمهورية ,ومن هنا يجب على أبناء تعز أن يتصفوا بصفات خاصة تنحاز وتدافع عن قيم المدنية والمساواة والحضارة بكلمة واحدة، لا تنساق بعد المشاريع الصغيرة ولاتساوم على حرية اليمن والدولة وتنطلق بروح شعبية ثورية تحب الجميع ولا تعرف الانكسار أو التفريط. 
 
بالأمس كانت الحزبية بمثابة متاريس حرب في هذه المدينة سرعان ما تطور الأمر لتعود المتاريس إلى مقايل نقاش واجتماعات مشتركة بل وبرامج سياسية أنجزت الكثير وكان مجرد اللقاء ضرباً من المستحيل وصورة من صور الخيانة. 
 
واليوم ترى كل العناوين الحزبية تتأخر ليبرز عنوان واحد يجمع الجميع هو مصلحة المحافظة وكرامتها وقيمها المدنية.. وعندما تتحرك تعز على هذا النحو، فهي لاتتنازل عن اليمن ولكنها تتأهب للدفاع عن المشروع الوطني لليمن.  
 
لقد نمت قضايا إيجابية عامة ووطنية تجمع الناس ويتفق عليها كبديل عن الفراغ الذي يسلم الناس إلى عبادة المصلحة الخاصة والبيع والشراء ولمن يدفع أكثر على حساب قيمة الوطن وكرامة الإنسان. 
 
وأمام الدفاع عن الحرية وكرامة المواطن والمصلحة العامة  ستجد الناس ينسون خلافاتهم الصغيرة ويشعرون بروحهم الوطنية الواحدة وتنشاء علاقة حميمة ومتينة، لتجد من كانوا بالأمس على النقيض هم اليوم في خندق واحد أرحب وأوسع. 
 
هذا الحركية الفاعلة يعني أن هناك عقلاً ينمو بسرعة، خاصة في أوساط الشباب لصالح المصلحة اليمنية العامة وقضايا الإنسان تجعلهم وتجعل محافظتهم عصية عن الاستغلال والمصادرة والتهميش من قبل قوى الفوضى والنفوذ الجهوي الطامعة بتعز واليمن والمنجزات، أو الجهات المتربصة سواء كانت داخلية أو خارجية.  
 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي