عن المدفعية وجماعات متخلفة تقتات من ضجيج ماسورتها

عزوز السامعي
الجمعة ، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ١٠:٢٤ صباحاً
المدفعية آلة عسكرية متوحشة يعتقد أن أحد المجانين اخترعها مدفوعا برغبة في اﻻمتﻼء بنشوة غريبة تمثل المحصلة لحالة بشرية تجردت تماما من اختﻼجات الضمير والمشاعر اﻹنسانية .
 
ﻻ أتصور النهاية المستحقة لهذه الحالة خارج سياق هذا المشهد : يقف المخترع بين يدي الرب لكي يسأله عن سبب اختراعه لهذه اﻵلة اللعينة وحين يعجز عن اﻹجابة يصب على رأسه براميل الجمر حتى يبلغ صراخه مسامع اﻷطفال والنساء الذين تحولوا إلى عظام مسحوقة في الدنيا بفعل قذيفتها المتوحشة والمحشوة بشتى أنواع المتفجرات .
 
لوﻻ المدفعية لكان هذا العالم سعيدا على نحو ﻻ يوصف ولما تحطم حلم البشرية لعشرات المرات في أن تعيش حياة سعيدة، أما في اليمن فان المدفعية قد خلقت استياء عارماً سيجعل من الناس يعملون على تربية أظافرهم وينتظرون القيامة بشغف لكي يغرزوا هذه اﻷظافر في جسد صاحب اﻻختراع المنتشي لفترة زمنية على إيقاع ضجيج آلته دونما اكتراث لما تحدثه من خراب ودمار وسحق لعظام اﻷبرياء .
 
 
اليمن الذي صار يقرن كبرياؤه بثقافة التسلح المخيف يقبع اﻵن في أو حال العالم ومزابله وحين يتموضع في رأس قائمة ما، يكتشف بعد ذلك أن هذه القائمة إنما هي معدة ﻷكثر المجتمعات انحطاطا وتخلفاً .
 
أنا هنا على شرفة كئيبة أوثق ضحايا المدفعية طيلة عشر سنوات في اليمن، مؤخراً حصدت اﻵلة المتوحشة عشرات اﻷرواح في منطقة أرحب الواقعة على الشمال من العاصمة صنعاء، وكانت حممها قد اغتالت آﻻف
اﻷرواح في محافظة صعدة خﻼل ستة حروب ﻻيزال اليمنيون يجتهدون من أجل فك شفراتها حتى اليوم .
 
تصنع المدفعية جحيم اليمن، وتفتتن بها جماعات الموت التي ما انفكت تستعرض شهوة القتل والترويع عبرها، وتصادر أحﻼم اليمنيين في دولة محترمة تحفظ لهم أرواحهم وتتفهم أحﻼمهم وطموحاتهم .
على ظهر المدفعية الثقيلة نمت شهوة القهر والتسلط لدى العديد من التيارات , وبين ثنايا الحطام الذي أحدثته وﻻ تزال تحدثه ازدهر ربيع القتلة وأثري الكثير من السماسرة وتجار الحروب .
 
ثقافة التسلح تشكل عمق مأساتنا وخﻼصة كوارثنا منذ عشرات السنين، أتحدث عنها كثقافة مستفحلة في الذهنية اليمنية غدت تشكل العائق أمام خروجنا من مدارات الموت والتخلف وتغتال كل أمل في وطن يأخذ لون أحﻼم الناس وآمالهم .
 
ولعل أي تحرك لﻺنقاذ ﻻ يؤخذ في اﻻعتبار هذه الحقيقة سيبوء بالفشل الذريع، فليس ثمة ممكنات لﻺنقاذ خارج سياق استراتيجية دقيقة تعمل على تفتيت هذه الثقافة وتنظيف الذهنية اليمنية منها، عدا ذلك سنظل ندور في حلقة مفرغة بينما تستمر فوهة المدفعية في اﻻقتيات من أجساد الناس ويستمر تجار الحروب في اﻻقتيات من ضجيج ماسورتها التي ﻻ تهدأ .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي