لله ثم للتاريخ (مظلومية البيضاء)

د. عبدالله صلاح
الأحد ، ١٦ نوفمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٢٢ مساءً
مثلما شهدنا بداية (مظلومية صعدة) من (مران) بمضايقة قائد الحركة السيد حسين بدر الدين الحوثي، والاعتداء عليه وعلى مناصريه من أبناء المديرية والمحافظة. ها نحن اليوم نشهد بداية تأسيس مظلومية جديدة في محافظة البيضاء، بسبب الاعتداء على أبناء (رداع والمناسح وخبزة)، المأخوذين بجريرة التطرف والإرهاب.
 
ومثلما نمت (مظلومية صعدة) وكبرت بسبب وحشية قصف مدينة صعدة وبعض مديرياتها بالدبابات وراجمات الصواريخ والطائرات، وبسبب تعرض أبنائها للقتل والتشريد. فإن (مظلومية البيضاء) ستنمو بكل تأكيد وستكبر نتيجة القصف العنيف لبعض قراها بالطائرات والصواريخ والدبابات، وكنتيجة حتمية لتفجير البيوت وتعرض أبنائها للقتل والتشريد.
 
ومثلما توسعت (مظلومية صعدة) بسبب تدخل اللجان الشعبية، وقوات (البشمركة) لمؤازرة الجيش، مما أدى إلى تصاعد حدة التذمر لدى أبناء صعدة من الانتهاك لأراضيهم وأموالهم وحرمات بيوتهم. فإن (مظلومية البيضاء) ستتسع أكثر بدون شك. ليس لوجود لجان شعبية داعمة للدولة والجيش في أراضيهم، كما حدث في صعدة، وإنما لأن اللجان الشعبية نصبت نفسها حاكماً ووالياً شرعياً بدلاً عن الدولة والجيش. وهو ما سيرفع درجة التذمر لدى أبناء البيضاء إزاء ما ترتكبه تلك اللجان الشعبية من انتهاكات مختلفة.  
 
ومثلما تعقَّدت (مظلومية صعدة) واستأسد أبناؤها، وتوافرت عندهم الرغبة العارمة للانتقام والثأر من قتلة آبائهم وأبنائهم وملاحقتهم. فإن (مظلومية البيضاء) ستتعقد أكثر، ولن يعجز أبناء البيضاء أو  تنقصهم الحيلة للبحث عن وسائل تمكنهم من الاقتصاص والانتقام والثأر ممن قتلوا أبناءهم وآباءهم، وجلبوا لهم المحن والمآسي، وشردوهم إلى البراري والجبال وقد كانوا في أمن واستقرار.
 
ومثلما وَجَدتْ (مظلومية صعدة) لها أكثر من حاضن وداعم في الداخل والخارج، يمدها بالمال والسلاح والرأي، فلا شك في أن (مظلومية البيضاء) ستجد لها حواضن متعددة، ستكون أكثر كرماً ومدداً، ولن يتردد أبناء البيضاء عن قبول أي سند أو مدد، ولو جاء من الشيطان الرجيم نفسه. 
ومثلما تحوَّلت (مظلومية صعدة) إلى فتح مبين، وأصبح المظلومون والمستضعفون والمشردون في الكهوف فاتحين للمشارق والمغارب. فإن (مظلومية البيضاء) ستتحول بكل تأكيد إلى فتوحات وانتصارات سنشهدها ولو بعد حين.
وحتى لا يتحجج أحدٌ أو يتعلل بأن (مظلومية صعدة) تختلف عن (مظلومية البيضاء). كون ما يحدث في البيضاء هي حرب مقدسة تستهدف القاعدة والإرهاب، أقول له: ما أنت إلا مغيبٌ أو غبي. وهل تستطيع أن تفسر لي، ما علاقة أو ما دخل اللجان الشعبية التابعة لجماعة بعينها بالقاعدة؟!!. ويا ترى من فوَّض هذه اللجان، أو منحها صك الإحلال بدلاً عن الدولة والجيش؟. وكيف لك أن تؤمن بمظلومية صعدة وهي نتاج حروب دولة متماسكة وجيش رسمي؟. وفي الوقت نفسه، تكفر بتشكل مظلومية البيضاء، وهي نتاج حروب جماعات قبلية وطائفية لها مطامع ومقامع من حديد؟!!. 
 
زد على ذلك، هل تستطيع أن تقدم لي مبررات لما تقوم به تلك اللجان الشعبية -التي ليست هي الدولة بالتأكيد- من استفزازٍ لأبناء البيضاء، وغزوهم إلى عقر دارهم؟!!. ثم هل سيقبل أبناء صعدة أو الجوف أن تغزوهم مجاميع قبلية متطرفة من البيضاء أو لحج، وأن تسيطر على أراضيهم وتفجر بيوتهم، وتشرد أهاليهم، أياً كان السبب أو المبرر لهذا الغزو ؟!!!.
 
شخصياَ، أعرف محافظة البيضاء جيداً، ولدي أصدقاء وطلاب كثر هناك، وأعرف شعورهم تجاه ما يحدث، أو تجاه ما تتعرض له المحافظة من حروب. وهم من ينقلون لي الصورة الحقيقية من الواقع كما هي، لا كما تأتي من الخيالات والأحلام المدمرة للأمن والسلم الاجتماعي، والفاتحة لباب الثأر والانتقام، وهو أحد أبواب جهنم المستعرة. 
 
ما يحدث في البيضاء اليوم، هو أن أبناء القرى والقبائل يواجهون ما يسمى باللجان الشعبية للدفاع عن أعراضهم وأراضيهم وأموالهم، وأن القاعدة هي الرابحة الوحيدة مما يحدث، لأنها وجدت لها أرضية خصبة للنمو والازدهار. ولن أكون متشائماً إذا قلت أنكم ستجدون قريباً في البيضاء وما جاورها نسخة مطابقة لنسخة شمال العراق وشمال سوريا. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي