الحرية والتعايش

تيسير السامعي
الاربعاء ، ١٢ نوفمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٦:٣٢ مساءً
لو نظرنا إلى العالم من حولنا سنجد أن الدول الآمنة والمستقرة هي الدول التي تسود فيها الحرية وثقافة التعايش, لأن الأمن والاستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل الحرية وثقافة التعايش والقبول بالآخر تحت قاعدة لكلٍّ دينه وحزبه والوطن للجميع, فسياسة الهيمنة والإقصاء والتهميش لا تبني أوطاناً ولا تقيم دولاً, ومن لا يصدّق ذلك فعليه أن يقرأ كتب التاريخ. 
 
واقع الرأي الواحد والحزب الواحد لا يمكن أن يتحقق لا سيما في وقتنا الحاضر بعد أن صار العالم قرية واحدة, فنحن أمام خيارين، أما استمرار الصراع، وبالتالي دمار البلاد وتفتتها وانهيارها أو الالتزام بمخرجات الحوار والتوافق والشراكة والتعايش والتنافس والاحتكام إلى الآلية الديمقراطية المتمثلة بالصندوق الانتخابي، ومن يحظى بثقة الشعب هو من يقود المرحلة والبقية يتحولون إلى مواطنين صالحين. 
 
 الانتصار الحقيقي للوطن هو العودة إلى العقل والحكمة والسعي الجاد إلى بناء الدولة العادلة التي تحفظ الحقوق وتصون الحريات وتحقق الأمن والاستقرار وترعى مصالح الناس, وهذه الدولة لا يمكن أن تقوم إلا من خلال التوافق والشراكة وإرساء ثقافة التعايش.. لدينا وثيقة تاريخية “وثيقة مخرجات الحوار” توافقت عليها كل القوي السياسية جاءت بعد حوار استمر أشهراً, هذه الوثيقة فيها معالم واضحة لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة, فالواجب الديني والوطني والأخلاقي يفرض على جميع القوى السياسية الاجتماعية الالتزام بكل ما جاء في هذه الوثيقة، وعدم الخروج عليها، لأنها الضمان الوحيد للحفاظ علي البلاد وحمايتها من التفتت والانهيار. 
 
على الجميع طي صفحة الماضي بكل أحزانها ومآسيها وفتح صفحة جديدة وفق قوانين وأنظمة جديدة تقطع الصلة بالماضي وتبني المستقبل، وهذا يتطلب قلوباً محبة ونفسيات متسامحة تؤمن بأن المستقبل هو الحياة القادمة والماضي أيام قد ذهبت ولن تعود. 
لا بد من المصالحة الوطنية لكن على قاعدة بناء الدولة المدينة الحديثة، المصالحة الوطنية تعني أن تُطوى صفحة الماضي ونفتح صفحة جديدة عنوانها المحبة والسلام وشعارها: وطن يتسع للجميع ليس فيه استبداد ولا إقصاء ولا تهميش, يشعر فيه المواطن البسيط بالحرية والكرامة والمساواة.. السيادة فيه للنظام والقانون وتحكمه المؤسسات المنتخبة التي تعبّر عن الإرادة الشعبية. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي