أنصار الشريعة وتهيئة الظروف القادمة

جمال الهاشمي
الاربعاء ، ٢٤ سبتمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٩:١٣ صباحاً
 
 
 
ربما التقديرات الاستراتيجية الأمريكية في ظل استبدال التدخلات العسكرية بالاستخبارات العسكرية والدبلوماسية قد حددت حجم القوة العقائدية لتنظيم القاعدة وخطورته على المصالح الغربية والأمريكية ونقل قوته والدفع بها إلى منطقة الشرق الأوسطوإقحام ايران وعواصمها العربية التابعة لها في هذا المشروع العالمي وربما كانت الديمقراطية  والصحافة الحرة ومنظمات حقوق الإنسان أدوات لجمع المعلومات وتوظيفها بالدبلوماسية الناعمة التى تقودها المنظمات الدولية والسفارات الأجنبية وقد وفرت تكنولوجيا الاتصالات سرعة الوصول اليها .
 
إن خسارة أمريكا في العراق ومن قبل في أفغانستان وتململ الحلفاء في ظل الضربات الاقتصادية التى بدت تزلزل القوى الأوربية وكذلك خشية القوى الصاعدة من انقطاع البترول الشرق أوسطي ومحاولة الجميع البحث عن مصادر جديدة قد جعل القادم يحمل احتمالات متعددة  فقد ساعدت الصراعات السياسية على السلطة بين مختلف الطوائف العلمانية في العراق على خروج تنظيمات شيعية متعددة منها عربية وأخرى إيرانية كما أدت إلى بروز تنظيمات سنية إخوانيةو أخرى سلفية جهادية  وبالمثل كان في سوريا الشام واليوم في اليمن تنظيمات شيعية مسلحة وتنظيمات سنية جهادية في الجنوب وقد وصلت إلى صنعاء بينما انتهج حزبالإصلاح السلمية بعد أحداث عمران .
 
تشكلت اليمن كبيئة جديدة وخصبة لتنظيم القاعدة وقد هيئتها الظروف لانضمام المطحونين اليها من جميع المعارضين للسياسات الإسلامية المعتدلة ربما أن الديمقراطية استخدمت للقضاء على الديمقراطية وان سياسة القوة هي التى تناسب مجتمعات البدو في الجزيرة العربية التى تتحضر فيها المدنيات المتحضرة قديما .
 
ربما تنظيم القاعدة سيأتي من الجنوب وسيلحقه أبناء الشمال في ظل تداول التنامي المتصاعد لهذا التنظيم الذي تعرض للحرب الدولية على ما يقارب العقدين .
 
خسرت أمريكا الدول القومية التى كانت صمام أمان لسياستها في المنطقة غير أن الدول القومية الحالية لم تعد قادرة على حسم المواقف كثيرا نتيجة للانتشار الفقرالأكثر تدميرا لأقوى الحضارات العالمية.
 
ما تضعه أمريكا في سياستها  هو تفتيت المناطق العربية وما جاورها من الشرق الأوسطإلى تنظيمات سياسية عقائدية كبديل وحيد بعد غياب الأحزاب القومية وضعفها أو ربما فشلها في المعارضة والسلطة معا ,
 
غير أن خططها الدبلوماسية بدت متحيزة للطائفة الشيعية أكثر من الطوائف السنية و هو ما دفع بأكثر المعتدلين دينيا إلى اعتقاد سياسة القوة والمقاومة وما دام لم يوجد تنظيم حديث يترجم هذه الاعتقادات إلى سياسات فعلية فإن المرشح الوحيد لأداء هذا الدور سيكون داعش وغداء ستكون الولاية الثانية الثالثة في اليمن على غرار ولاية الشام الإسلامية في سوريا .
 
وفي اعتقاد اكثر الآراءان بعد استقرار اليمن سيكون الدور القادم في محافظة الشرقية الشيعية التى يقطن اغلب رجالها في سجون المخابرات السعودية ثم تكون البحرين بالتزامن مع ثورة الشرقية .
 
في اعتقادي ان دول الخليج العربي بعد انتصارهم الساحق على جماعة الإخوان في مصر واليمن وسوريا لن يقبلوا في وجود الحوثية في اليمن وسيسعون  لعمل توزان القوى لإشغال القوى ببعضها وقد هيئت الديمقراطية سبل اختراق الوطن بالدعم المالي والمعلومات الاستخباراتية.
 
تعتبر السياسة السعودية دقيقة في هذه التكهنات ليست نتيجة خبرتها السياسية وإنما لامتلاكها أصول السياسة والموارد المالية التى تجعل  من العدو حميما وربما وصول الحوثي إلى السلطة الذي انتصر عسكريا سينهزم اقتصاديا اذا لم يتلق الدعم المالي ويستمر وستتحول اليمن الى دولة جبايات كما ان استمرار الدعم الخارجي سيعرض اليمن لمغامرات عسكرية خارجية.
 
غير اأنه فهم اللعبة جيدا فهو يدعوا إلى حكومة شراكة وطنية  ليكون لها من الشراكة الا تنفيذ ما يراه وتحميلهم الفشل اذا تعطلت استراتيجية البناء والتنمية التى يدعون اليها. فالعقيدة الحوثية تؤمن جيدا أن الواقع هو الذي يشكل السياسات وليست السياسة قادرة على تشكيل الواقع بينما انخرط خصمها الايدلوجي بالمثالية والإعلام والتخدير العاطفي و قد تعاملت مع الواقع كما ينبغي فهمه وان حل مشكلة الجنوب باتت وشيكة بسياسة التقريب والتصفية أو التقريب والنفي وربما التقريب والتبعية.
الواقع يفرض قرارته بينما يعجز السياسي أن يصنع قراراته اذا افتقر إلى مقومات وجوده وأصوله الواقعية
 
وأخيرا فإن تنظيم القاعدة الذي ترقب حروب صنعاء  سينخرط في الساحة وسيحاول فرض ايدلوجيته بالقوة العسكرية  وعرقنة اليمن فالأيام القادمة ستحدد لنا خارطة العقائد الدينية وحدودها . . لكن من أين ستكون ؟ هذا ما لا يستطيع تحديده المتكهن السياسي.
 
والأكثر من هذا  أنتنظيم القاعدة لا يعتمد على دعم قوى محددة  وهذا ما أعطاه قوة استمراره ووجوده في الواقع بينما التنظيمات الشيعية لها قوى دولية وإقليمية كبرى تقدم لها الدعم التنظيمي والعسكري والمادي ، وها هي ايران ترشح للصراع بينما تعاني من سوء الوضع الاقتصادي وانخفاض عملتها بنسبة 300% .
 
والسؤال هل ستقبل هذه المغامرة أم ستتحرك قوى المعارضة  في الداخل لتعيدها إلى الصفر؟  وربما الأيام القادمة  ستدفع السعودية  ثمن سياستها في المنطقة او ستتعرض لانقلاب  من الداخل  وربما القيود التى فرضت على رموز السنة ستظهر  فتاوى دينية تدين السياسات السعودية في المنطقة وخصوصا  سياستها في اليمن؟
 
وربما الأنفاق السعودي لم يعد قادرا على  تحمل مشروعه الإقليمي لصد التمدد الشيعيولن يستطيع فرض سياسة التقشف لشعبه مقارنة بسياسة التقشف الإيرانيالتى دفعتها العقيدة نحو الانتصار.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي