الحوثية بين سياسة الحوار.. واستخدام القوة

جمال الهاشمي
الاثنين ، ٢٢ سبتمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٥:٥٦ صباحاً
 
يزاوج الحوثيون بين الحوار والقوة وبين الدبلوماسية والواقعية.. ومع حيث التزام السلطة بالحوار كمبدأ في ظل مراقبة القوى الإقليمية والدولية فإن الحوثية تحاول أن تفرض سياسة الأمر الواقع والقوة العسكرية فالحوار وسيلة وليس مبدأ في تبرير إضفاء شرعية الحركة على المستوى الدولي والرأي العام المحلي العالمي.
 
وتفتح منافذ الحوار المختلفة في الوقت التى تخطط لفتح منافذ وجبهات قتالية متعددة وبنفس النمط وظفت مبدأ المظاهرات السلمية مع تزامن العجز السياسي للدولة في توفير الأمن والاستقرار الاقتصادي الأدنى للشعب كما أن توقيت الجرعة كإصلاح اقتصادي ضروري بعد ثلاثة أعوام من الفشل السياسي والاقتصادي ساهم في خدمة التحالف الحوثي- المؤتمري بقيادة صالح.
 
وهناك تجربة مشابهة للوضع اليمني والثورة اليمنية عند مقارنتها الثورة الروسية ضد القيصر..  تشابهت الظروف واختلفت النتائج والوسائل  واستطاع المجلس الاستشاري فاقد الصلاحية في عهد القيصر دراسة أسباب الثورة ووجدها مرتبطة بالظروف المعيشية وليس لها أي حسابات ايدلوجية وهي نفس الثورة اليمنية التى انطلقت عفوية وسخطا على الوضع الاقتصادي للرئيس صالح و اتخذت من الديمقراطية وسيلة للتعبير عن طموحاتها في معيشة أكثر كرامة لهذا ركز “الدومينو الروسي” على حالتين توفير الغذاء للشعب وإعادة تنظيم الجيش واستطاع أن يحقق الأمن والاستقرار والرضا الشعبي لهذه السياسة واكتسب شرعيته في السلطة كأساس لإدارة الدولة في حين توسع الحوار اليمني وتخاصم حلفاء الأمس واستغله أعداء اليوم وكان أمد الحوار وسيلة لرسم الاستراتيجيات العسكرية والميدانية في ظل غفلة القوى الثورية وتمركزها على الحوار بينما رسمت هندسة التحالف بين علي صالح وعبد الملك الحوثي “تحالف الذئب والثعلب” على إسقاط شرعية الحوار وشرعية السلطة وشرعية الثورة الشعبية.
 
فالعلاقة بين المؤتمر الشعبي العام والحوثية تربطها مصالح  مشتركة حركتها انتقامات مذهبية في دماج و جامعة الإيمان السلفيتين ودور القرآن والمساجد لاعتبارات عقائدية لعبت دورا سياسيا في ترجيح كفة النصر للثورة الشعبية.
 
فالقوة الحوثية هي قوة المؤتمر الشعبي العام عندما كانت استراتيجية الحوثي مرسومه على المدى البعيد بصعده وما يليها وقد حفز التحالف الحوثي في دخول عمران ثم توسع نطاق التحالف نحو صنعاء الهدف الرئيسي لعلي صالح ولا شك أن للرئيس علاقات مع دول أخرى تخاف من ايدلوجية الإصلاح وهو ما تفسره اعتمادات السفراء المؤيدين لصالح في دول خليجية حليفة له.
 
وبالعودة إلى المذهبين في اليمن فإن السياسة الشافعية بشكل عام ترتكز على الحجة الإقناع والحوار والمراجعة والتنازل والمكاشفة بينما يتعامل الزيدي بكفر التأويل والسياسة وإظهار عدم الاختلاف بين المذهبين ما دام المذهب حاكما ومتصدرا أما أن تذهب السلطة إلى غير مذهبنا ولو كان حليفا لنا فيظهر الاختلاف وهذا هو مبدأ التعامل في العصبية الزيدية التى أقصت القادة الجنوبيين الأكثر تأثيرا في الساحة الوطنية والأكثر شعبية جماهيرية كما احتوت أو صفت القيادات الشافعية الشمالية وهو ما يفسره احتكار سلطة الرئاسة ومجلس النواب والمؤسسات العسكرية لقيادات زيدية وقد أسهمت الصوفية الشافعية في تكريس التبعية والقبول بالواقع في المناطق الشافعية وأحجمتها عن الصدارة  بعد مقتل الرئيس الشهيد الحمدي.
 
إن قوة الحوثية لن تتعدى محافظة صعدة عند تقييمها وفقا للمعطيات الواقعية بينما انتصارها في عمران بالتحالف الثنائي مع المؤتمر الشعبي العام زاد حجم قوتها إعلاميا وجماهيريا وعسكريا وهو ما يعكسه الصمت الخليجي إزاء ما يحدث في اليمن ربما أن النتائج التى توقعها رعاة المبادرة في اليمن لم تتحقق بعد وما زال هناك ضبابية المعلومات لديهم هل هي حركة استعادة النظام السابق بقيادة التلميذ الجديد وريث أبيه  أم أنها حركة حوثية بامتياز وسيؤول اليها الحكم الرشيد ويتوقف الأمر على مدى قدرة “صالح” بإقناعهم ان السيطرة بيده بينما الواقع يقول عكس ذلك.
 
فالحروب في اليمن ترتبط بمراكز نفوذ ومصالح خاصة لا تحكمها مبادئ  عقائدية ولا قيم  وطنية  وكل ما يسعي إليه “الرئيس السابق” هو الانتقام من الثائرين عليه المخالفين له ما دام الضرر الدولي والمحلي لن يصل إليه.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي