ماذا يريد الحوثيون؟!!

د. عبدالله محمد الجعــري
السبت ، ٠٦ سبتمبر ٢٠١٤ الساعة ١٠:٥٠ مساءً
المتتبع للمشهد السياسي في اليمن يلحظ تقلباته الدراماتيكية وتسارعها بشكل مخيف وبما يشبه الريح في يوم عاصف هذا بالمختصر هو حال البلد ياعاشور، فكلما لاح في الأفق بصيص أمل قلنا فُرجت الأزمة فإذ بها تضيق حلقاتها وتزيد، لقد استبشر الناس خيراً في مبادرة الرئيس كحل ومخرج ولكن سرعان ما تبدد ذلكم الأمل عقب الرد الحوثي بعدم قبوله تلك المبادرة .
 
فعادت سماء صنعاء مرة أخرى ملبدة بغيوم سوداء لا تحمل في أحشائها إلا الصواعق والرعد والبرق وتنذر الناس بيوم عسر، وكانت حُجة الحوثي في رفضه مبادرة الرئيس أنها من وجهة نظره لا تلبي الطموح الذي حشد الجماهير من أجله والمتمثل بإسقاط الجرعة كهدف استراتيجي يروج له أمام أنصاره وهو في الحقيقة لا يعدو كونه مجرد شعار ظاهري لطالما تبناه الحوثي لدغدغة مشاعر مؤيديه للبقاء والالتفاف حوله، وليس هدفاً إستراتيجياً أو غاية كما يزعم هو وكما تم تسويقه وتصويره لدى جموع المحتشدين بدليل أنها جرت المساومة حول ذلك ولو كان إسقاط الجرعة غاية لما ساوم بشأنها، لكن الحوثي وبكل دهاء استطاع توظيف شعار إسقاط الجرعة وإقناع مؤيديه وكأنه هدف وغاية لا مجرد شعار وهذه ميزة تحسب له. 
 
لقد تمكن الحوثي في ميدان السياسة من اللعب بكل الأوراق التي لديه وأجاد ذلك حتى الآن أيما إجادة بحيث ظهر على المسرح السياسي وفي نظر عامة الشعب وكأنه المتحكم في خيوط اللعبة السياسية وفي توجيه بوصلتها في الاتجاه الذي يريده هو لا خصومه. وبدت كثير من الأحزاب متقزمة لا حول لها ولا قوة أمام الغول الحوثي القادم من صعدة وأن حاول الإصلاح جاهداً أن يظهر بمظهر الحزب الذي لا زال له ثقل ووزن وإن كان من ورق، والحال لا يختلف مع المؤتمر الذي ظهر كحزب هلامي غير مؤسسي ومنقسماً على نفسه بين داعم قوي للحوثي عسكرياً وسياسياً وحتى مذهبياً وهؤلاء هم جناح صالح فعلوا ذلك بدافع الانتقام والتشفي من خصوم الأمس يراودهم حلم العودة إلى الحكم ولو كان تحت كنف الحوثي وتبعاً له، في حين بدأ القسم الآخر من المؤتمريين بالالتفاف حول أمين عام المؤتمر الرئيس عبدربه منصور هادي حامل المشروع الوطني في التحديث والبناء وغايتهم أن لا يسقط غصن الزيتون من يده. أخيراً أرى وهذا اعتقادي الشخصي أن الحوثي حتى الآن وحتى بعد رفضه لمبادرة الرئيس لم يخرج عن الدائرة أو المساحة المرسومة له أو المتفق عليها سلفاً، وأنه لم يتعد تلك الخطوط الحمراء التي قد تغضب الرئيس منه وتغضب الدول الراعية المعنية بحل أزمة اليمن فهو ـــ أي الحوثي ـــ لا يزال يستخدم حقه المشروع في المناورة بين حديها الأعلى والأدنى وفي الإطار المسموح به.لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل سيتمكن الحوثي من إجادة الإمساك بخيوط اللعبة حتى النهاية أم أن غروره سيوقعه في المحظور والفخ؟!
الحجر الصحفي في زمن الحوثي