الامتحانات و«عُقدة نقص» الزعيم

رشاد الشرعبي
الاربعاء ، ٢٥ يونيو ٢٠١٤ الساعة ٠٥:٤٥ مساءً
لم تكن الجرائم التي رافقت امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية قضية تقبل الخوض فيها كبقية معارك المماحكات والمكايدات الحزبية, فكيف بأيادٍ عبثت ميدانياً من تسريب الأسئلة لبعض مواد الثانوية إلى ما كان في مراكز الامتحانات, وكأن نظامين سبقا ثورتي 26 سبتمبر 1962 و11 فبراير 2011, كانا عنواناً للعلم ورمزاً للمعرفة وقبلةً للنزاهة والصدق والمعرفة.   
 
ظاهرة الغش كانت أداة من أدوات نظام (الصالح) للسيطرة على شعبه وإحكام قبضة الوطن واستمرار اختطاف كرسي السلطة ووسيلة لـ (انتشال) الإرادة الشعبية من صندوق الانتخابات وإقصاء الآخر المختلف سياسياً, بل كانت كالهواء يتنفسه رئيس النظام السابق وأتباعه إلا من رحم الله, وسنها سنة قبيحة اخترق بها بنيان المجتمع وخلخل قيمه وعممها كثقافة و(بهررة) و(شطارة). 
 
اليوم لا زالت أداة تستخدم للتدمير ورفد الجهل وتوسيع مساحته في المجتمع كشأن المرض والفقر, وأيضاً للانتقام من قوى ثورة 11 فبراير 2011 كلها, وليس فقط حزب الإصلاح الذي ينتمي إليه وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالرزاق الأشول, بل وتجاوز ذلك إلى حد الانتقام من الشعب ذاته بتدمير ممنهج ومنظم للتعليم تمارسه (عصابة) كانت بالماضي تدير (دولة). 
ما تتعرض له العملية التعليمية من تدمير ممنهج, لا يستهدف حزب الإصلاح ووزيره, لكنه يستهدف اليمن واليمنيين ويسعى لتدمير الحاضر والمستقبل كما كان شأن الماضي القريب, هذه قضية وطن وشعب يراد له أن يكون جاهلاً يعجز عن بناء وطنه وتنميته وتحريره من ثالوث الفقر والجهل والمرض واللحاق بدول العالم الثالث على الأقل. 
لا فرق بين من يقتلون اليمنيين (عسكريين ومدنيين) تحت لافتة القاعدة أو الحوثي ومن يغتالون الضباط في شوارع العاصمة والمكلا وبقية المدن, ومن يضربون أبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز ويقطعون الطرقات والشوارع ويختلقون الأكاذيب والأخبار الزائفة, وبين من يدمرون جيلاً بأكمله انتقاماً من حزب أو سعياً لإفشال وزير كما يبررون لبعض المخدوعين.  
 
لقد حقق الدكتور الأشول في وزارة التربية منذ توليه المنصب إنجازات كبيرة رغم المعوقات والتحديات والظروف المحيطة وأشاد به الأشقاء والأصدقاء وحقق قبولاً ورضا شعبياً ورسمياً كبيراً, ومن تلك الإنجازات التطورات التي أحدثها في العملية الامتحانية للشهادة العامة, وها هم يستهدفون إفشاله شكلياً من خلال عملية الامتحانات نفسها, والذي يدمر العملية التعليمية كلها. 
ولذلك إن كانت المشكلة في الوزير الأشول وسيكفون عن إجرامهم تجاه الوطن والشعب بتدميرهم للتعليم فوق ما يدمرونه من مؤسسات وبُنى تحتية وما يضاعفونه من معاناة للناس بشكل مستمر غير القتل المتواصل, فأثق أن الدكتور الأشول وحزبه لن يتأخرا عن التنازل عن الوزارة إذا كانت المصلحة العامة للبلد والشعب تقتضي ذلك. 
ولكن الواقع والتجربة 36 سنة تؤكد أن من كانوا يدمرون التعليم حكاماً ويستخدمون صلاحياتهم في ذلك التدمير الممنهج ليسهل انقياد الشعب وتستمر غفوته ويمددوا ويورثوا كيفما يحلو لهم, هم ذاتهم من يدمرون التعليم اليوم كـ(عصابة) اجتمعت فيها كل الضغائن والأحقاد تجاه الوطن والشعب الذي صبر على آذاهم طويلا و(أكلوه لحماً ورموا به عظماً). 
ومما يثير السخرية والضحك أن من كانت سنوات حكمه المديدة من (قش) محترق ومتعفن –ويا ليت كان من زجاج – يرمي سنوات حكم الآخرين القليلة بالافتراءات والأكاذيب و(قلة الحياء), وخلال تلك السنوات المديدة سيطرت عليه (عُقد النقص) و(الأحقاد) وكان عدواً للعلم والمعرفة والثقافة والمثقفين, وصديقاً للجهل والأمية والغش والتزوير. 
 
ومن سخرية القدر أيضاً أن من كان يصادر الصحف وأجهزة البث ويقصف مكاتب القنوات بالصورايخ ويخطف الصحفيين ويعتدي عليهم ويلاحقهم قضائياً واجتماعياً, صار اليوم يزعم الحرص على حرية الصحافة ويدين انتهاكها كما يرى. 
 أرفض أي انتهاكات للحريات الصحافية والاعتداء على الصحفيين من أي طرف كان, لكن حينما يدافع عنها (زعيم) كان قد وضعته إحدى منظمات الدفاع عن الحريات الصحافية العدو رقم واحد قبل ثورة 11 فبراير التي أطاحت به من عام أو عامين أجد أن الغباء والاعتقاد بأن الناس تنطلي عليهم مثل هذه (الحركات), هما المسيطران على مثل تلك المخلوقات العجيبة والمنزوعة الحياء.                
      [email protected]‏ 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي