الرجل الذي أعطى ورحل بصمت

د. عبدالله الذيفاني
السبت ، ١٧ مايو ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
عبد الرؤوف العديني غادرنا إلى الحياة الآخرة، وهو حكم الله الذي لابد أن تقبله لكنني ومع إيماني العميق الراسخ بهذا الحكم العدل، إلا أن الخبر فجعني، وانعقد معه لساني و انشلت قدراتي على التفكير، حاولت مسك القلم والكتابة ولم أتمكن فلم أكن مصدقاً الخبر، وأستغفر الله العظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله. 
 
عبد الرؤوف العديني، شخصية لا تملك حين تعرفها عن قرب إلا أن تحترمها و تثق بها، وبسرعة شديدة تألفها وتتشكّل معها علاقة حميمة، تشعر بها ومعها أن من تتعامل معه قريب منك إلى درجة تجعلك تؤمن بالقول الشائع: رب أخٍ لم تلده أمك. 
 
نعم عرفت الحبيب عبدالرؤوف في أجلّ المواقع وأكثرها أهمية في حياتنا، وهو المدرسة، فكنا معاً في مجلس آباء مدرسة أروى، وكان صاحب سبق في هذا الميدان وبصماته تراها في أكثر من موضع، وأكثر من نشاط وفعل تربوي مجتمعي، لقد كان سنداً حقيقياً لإدارة المدرسة التي تعد من أنشط الإدارات المدرسية وأكثرها نفعاً وعطاء ولذلك وجد فقيدنا في هذه الإدارة ضالته في فعل الخير والإسهام في تقديم جهوده التي أثمرت بتعاون لصيق وعمل مشترك وحققت نجاحات لا نملك إلا أن نقول: جعلها الله في ميزان حسناته وحسنات كل الذين عملوا بإخلاص في هذه المدرسة. 
 
ولم يكن عبدالرؤوف رحمة الله عليه، فقط مهتماً بالعمل المجتمعي في إطار المدرسة، بل كان يداً تمتد للخير وتعمل لنفع الناس، فكانت له إسهامات ستظل ومضات خير تذكّر به وتخلّد أعماله الطيبة المجتمعية، كان رحمة الله عليه يحب أسرته كثيراً، يعطي فلذات كبده مساحة واسعة من وقته كان كثيراً ما يحدثني عن ألمه وانزعاجاته من تقصير بعض المعلمين والمعلمات في التدريس، وتأثير ذلك على مستوى أبنائه، ولذلك كان يكرّس جهوداً كبيرة للمراجعة والمتابعة بل والتدريس لأبنائه، فيقرأ معهم دروسهم درساً درساً، ويسعى إلى أن يكون أباً ومربياً ومعلماً في وقت واحد، كان رحمه الله مهموماً بالشأن التربوي حتى الرأس لم يكف عن السؤال والتساؤل وإبداء القلق من الوضع التربوي التعليمي في المدارس وخارجها رغم أنه غير متخصص بهذا الميدان، ولكن كان أباً ليس لأبنائه وحسب بل لكل أبناء هذه المحافظة بخاصة وأبناء اليمن بعامة، من خلال اندماجه في العمل التربوي في بيته والمدرسة. 
 
نعم لقد كنت استمد منه شحنات من الحماس ترسّخ قناعاتي، وتفعّل دوري المتخصص إلى جانب كوني أباً ولي أبناء في المدارس والجامعات وكوني أيضاً كما كان يقول لي مهتماً بالشأن العام وناشط في المجتمع. 
كان رحمه الله شخصية متعددة الاهتمامات فكان مهتماً بالشأن التربوي التعليمي، والشأن الاجتماعي، كان أيضاً رياضياً من الطراز الأول له في هذا الميدان باعٍ طويل من عقود من الزمن، وكان رجل أعمال ناجحاً، وكان موظفاً عاماً عمل في الإدارة، إذ شارك في إدارة وتأسيس مسالخ تعز لأكثر من عشر سنوات. 
 
ماذا أقول عن أخي، وصديقي، وعزيزي الذي فقدته فعلاً، وأشعر بفقدانه أن جزءاً مهماً مني قد سُلخ إلا أني أحمد الله سبحانه وتعالى على قضائه وأسأله عزّ وجل أن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يتقبّله مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقيين من الشهداء والصالحين، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، وأن يخلف أهله خيراً ويجبر مصابهم ويسدّد خطى أبنائه ليحققوا ما كان يطمح إليه من تميز. ومواقع متقدمة في الدراسة وريادية في العمل، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير. 
والله من وراء القصد. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي