اليمن مازال يبحث عن الاستقرار !!

علي ناجي الرعوي
الخميس ، ٠٣ ابريل ٢٠١٤ الساعة ١٠:٤٩ صباحاً
الأحداث العنيفة التي شهدها اليمن خلال الاسبوعين الماضيين والتي كان اكثرها دموية تلك الهجمات المسلحة التي استهدفت العشرات من ضباط وجنود الأمن والجيش وإن لم تكن غريبة أو غير مستبعدة بالنظر إلى الأوضاع الراهنة التى يمر بها البلد في ظل تحالف الأضداد في معركة تقليم أظافر الدولة إلا أن مايبدو في حكم المستغرب أن تتصاعد أعمال العنف كماً ونوعاً وتتزايد ضحاياه على ذلك النحو الذي بات معه يخشى من انهيار مقومات الدولة وتأكل وحدة النسيج الاجتماعي عقب مؤتمر الحوار الوطني الذي جرى فيه التواصل والتفاهم بين القوى والأحزاب والجماعات والنخب الجديدة والقديمة حول مسارات المستقبل ليبدو المشهد بعد كل تلك التفاهمات محكوماً بارادة بعض الجماعات المسلحة كالحوثيين والحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة وحلف قبائل حضرموت فضلاً عن أطراف أخرى انخرطت في لعبة عض الأصابع عن طريق جر الدولة إلى معارك جانبية هي أشبه بصراع المافيات بما سمح لتلك الأطراف والجماعات الهروب من استحقاقات الحوار التي تتصدرها عملية بناء الدولة الجديدة وتحقيق مصالحة وطنية شاملة تخرج اليمن من نفق الأزمات والاضطربات إلى فضاء الاستقرار والسلام والأمن والدولة المدنية الحديثة.
 
 
 
لقد أصبح جلياً أن الأطراف والجماعات المسلحة التي تتمرد اليوم على السلطة المركزية قد نجحت بمهارة وحرفية عالية في إفراغ مفهموم الدولة من محتواه الحقيقي في حين فشلت سلطات الدولة في التعاطي مع الأزمات والمشاكل التي تعصف في البلاد برؤية واعية تقرب الجميع من دائرة الحل حيث اثبتت الأحداث أن الحكومة عمدت إلى ترحيل القضايا بدلاً عن حلها مما خلق لدى المواطن شعوراً عاماً بأن سلطات الدولة الثلاث قد خذلته عندما رضخت لابتزاز الجماعات المسلحة وعندما اخفقت في النهوض بالواقع الحياتي اليومي مع أنها لو امتلكت جزءاً ولو يسيراً من الإرادة والعزيمة لاستطاعت تغيير هذا الوضع البائس وتمكنت من إسقاط رهانات جماعات العنف والتطرف التى تعبث بأمن واستقرار البلاد وتفتك بالأبرياء قتلاً وخطفاً وتمزيقاً وحرقاً وتشويهاً مع كل عجلة مفخخة أو عبوة ناسفة كامنة أو لاصقة أو هجوم مسلح أو عملية انتقام عشوائي تستهدف بعض رجال الأمن والجيش أو خصوماً سياسيين أو مواطنين عاديين دفعت بهم الصدف ألى ذلك المدار الجهنمي الشيطاني الذي يتربص بهم في كل ساحة من ساحات هذا الوطن العاجز عن حمايتهم وطمأنتهم.
 
 
 
لقد كان بإمكان السلطة الجديدة في اليمن أن تحقق قدراً أكبر من الاستقرار لو أنها سارعت إلى تنفيذ النقاط العشرين الخاصة بحل القضية الجنوبية حيث إن تأجيل مثل تلك النقاط قد أسهم إلى حد لا يمكن إغفاله في الرفع من مستوى سقف المطالب الانفصالية، بل إن المماطلة في تنفيذ تلك النقاط قد منحت بعض القوى المناوئة للوحدة فرصة مجانية لإثارة النوازع الجهوية والهويات الفرعية وخاصة في بعض المحافظات التى تشكلت لديها نخب استمدت مشروعيتها خلال العقدين الماضيين من (الأنا) المناطقية والشعارات الانفصالية التى تفقز فوق الهوية المشتركة لليمنيين كما أن الحوثيين ما كان لهم أن ينجحوا في كل مغامراتهم لولا تساهل النخب الحاكمة والأطراف السياسية مع هذه الجماعة التي صارت تتحرك وفق أجندات إقليمية تقحم اليمن في صراعات شائكة ومعقدة لا قدرة لوضعه الهش على تحمل تبعاتها.
 
 وبناء على استقراء شامل للوضع العام فإن السلطة في اليمن بحاجة لاعتماد خطاب قائم على المصالحة والوئام لتحقيق الاستقرار الذي لايزال حتى اليوم بعيد المنال.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي