حكايات الفقر في اليمن

أحمد غراب
الاثنين ، ٢٤ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٠٨ صباحاً
ما اكثر حكايات الفقر في هذا البلد ، وما يميزها عن غيرها أن أحداثها وأشخاصها حقيقية.
ومع ارتفاع نسبة الفقراء تزداد الحبكة الدرامية الواقعية
لنصبح بلد المليون حكاية فقر.
سأحكي لكم اليوم حكايتين، الاولى مختصرة ومفادها أن أحد الآباء المرضى بالسكر ظل يستدين من احد الميسرين قيمة علاج حتى وصل المبلغ إلى ثمانمائة الف ريال ولم يستطع ان يسدده فطلب منه الدائن ان يزوجه بإبنته التي لم تزل طفلة بعمر إحدى حفيداته ولم يكن امام الأب المريض حل آخر.
أما الحكاية الثانية فسوف اسردها لكم بالتفصيل.:
عجوز في الخامسة والثمانين من عمرها تُدعى غصون تحمل طقم أسنان مرصع بالذهب، ورثته عن زوجها الثاني.
لم تكن غصون تتوقع أنه سيأتي الوقت الذي يصبح فيه طقم أسنانها محط أنظار أحفادها ورأس المال الوحيد المتوفر أمامهم لدرء ذل الحاجة.
رغبة الأحفاد في انتشال الطقم من بين فكي "جدتهم"، كانت تصطدم دائما بحرص الجدة، التي بدا أنها أكثر عبقرية من "أرسطو" الذي مات معتقداً أن عدد أسنان المرأة أقل من عدد أسنان الرجل دون أن يكلف نفسه أن يفتح فم إحدى زوجتيه ليتحقق من كلامه.
فشلت جميع خطط الأحفاد في الحصول على طقم أسنان "غصون بالطرق السلمية (جربوا جميع المكائد والحيل)، أحدهم اشترى لها "لوزا" أملا في أن تجد صعوبة في تكسيرها فيعطب الطقم فتعطيه له لإصلاحه، فيذهب لبيعه، لكنه تفاجأ بها تبتلع اللوز بشراهة وتتبعها بكأس ماء "شفطة واحدة".
الآخر فتح لها التلفزيون على إعلان "معجون الأسنان" أملا في أن تمنحه شرف غسل الطقم بالمعجون ليحقق مآربه، لكن ذلك لم يحدث.
حتى الأطفال الصغار كانوا كلما شافوها تخرج طقم أسنانها، ذهبوا إلى أمهاتهم: "أخرجي لنا أسناننا مثل جدتنا غصون".
تعودت الجدة أن تضع طقم أسنانها في إناء زجاجي تملأه بالماء قبل أن تنـام ثم تعاود تركيبه حين تستيقظ.
تسلل أحد الأبناء إلى غرفتها المظلمة وهي مستغرقة بالنوم، وقبل أن يمد يده باتجاه الإناء كانت يد جدته تطوق يديه، وهي تردد الآية الكريمة: (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون).
سأترك لكم النهاية لترسموها كما شئتم، ولكن قبل ذلك اسألوا أنفسكم: هل سيوصلنا الفقر والانفجار السكاني الهائل والفساد المنتشر في جميع الدوائر والعجز المتوقع في الميزانية إلى اللحظة التي يقتل فيها العاطل جدته للحصول على طقم أسنانها؟!
اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي 
اللهم ارحم ابي واسكنه فسيح جناتك وجميع اموات المسلمين
الحجر الصحفي في زمن الحوثي