إلى لجنة الدستور : الدستور كتاب جامع مانع

أحمد عثمان
الاثنين ، ١٠ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٥:٢٦ مساءً
أُعلنت أسماء لجنة كتابة الدستور وهي أول قطرة الغيث بسحابة اليمن الجديد ،لا نريد أن نتوقف عند شخوص أعضاء اللجنة نقداً وإعجاباً، فهذه ليست مهمتنا مع أن «الشخصانية» هي ظاهرة عربية ضيعتهم بين الأمم فهم يتعلقون بالصور والشكليات ويتحاربون عليها ويضيعون «الموضوع» حتى صارت حضارة العرب حضارات أشخاص وصور وأصنام على حساب الموضوع وروح العدالة والقيم، الآن بعد ثورة الربيع الذي نأمل أن يكون ربيعاً أخضر على اليمن ، علينا أن نهتم بـ «الموضوع» والأداء .. لجنة الدستور أهم لجنة بدائرة الأساس الحضاري لليمن المرتقب والحقيقة يجب ان يعترفوا بأن جماعة «الحوار الوطني» قد هيأت لهم الملعب ووضعت أساساً توافقياً وخطوطاً عريضة فيما يتعلق بالعناوين العريضة والهوية ، ويبقى أن يبذلوا جهدهم في الجانب الفني والصياغة المتقنة لتحديد صورة واضحة ومكثفة للدستور بعيداً عن الطلاسم والكلام الذي يفسر بعشرين وجهاً ويتحول إلى لعبة مسلية. 
 استفيدوا من دساتير العالم الحر، فنحن نريد أن نبدأ من المكان الذي وصل إليه العالم، مستفيدين من تراكم حضاري خاصة في مجال التبادل السلمي للسلطة واستقلالية وتكامل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وأجهزة المراقبة والرقابة واستقلالها .. استفيدوا من الألاعيب الشيطانية التي استخدمها الحكم العربي في تدمير الديمقراطية وتحويلها إلى شكلية ممسوخة وجعلها أوسخ صور الاستبداد ..سدوا منافذ الاستبداد وأبواب الشيطان... لا نريد دستوراًِ يلبس مثل «الكوت» الجاهز للفرد , علينا أن نفترض مستقبلاً مليئاً بكمائن لصوص السلطة ومعطلي روح الدستور.. حافظوا على بقاء روح الدستور بضمانات متينة، نريد دستوراً مفصلاً على الشعب يجعل الحاكم خادماً وموظفاً وليس مالكاً.. نريد دستوراً يحمي مصالح الجميع ويخرج من بين صفحاته نظام يمثل كل فئات الشعب سواء في إمكانية الوصول إلى البرلمان عبر أنظمة تستوعب الجميع أوتوزيع المصالح والخدمات والثروة العامة.. الثروة العامة هي صورة الوطن الواحد فلابد من الوقوف عندها طويلاً .. نريد دستوراً تخرج منه مؤسسات حضارية بعيدة عن الشخصنة والهنجمة والمزاج , وجيش بعقيدة وطنية يحمي الدستور والحدود والدولة ولايتدخل بالسياسة. 
 لقد عطلوا أوطاناً عندما عطلوا مهمة الجيوش وحولوها إلى (عكفة) للأشخاص والأسر ،وعصا غليظة على حساب الوطن والشعب ومصالحه العليا .. مشكلة الحكم في جوهره وليس في شكله والدستور عنوان جوهر الحكم وأساسه, 
 ومع هذا تحولت كثيرمن الدساتير للأسف إلى ديكور يزين مكاتب الحكام عندما تحول الحاكم فوق الدستور، وهذه هي الإشكالية الحضارية التي يجب أن نعمل على عدم تكرارها في كل مرحلة وخطوة.. 
 تبدو مشكلة ضمانات حماية الدستور هي حجر الزاوية في مهمة لجنة الدستور, وعلى اللجنة أن تبذل أقصى ما يمكن أن تتوصل إليه لإيجاد ضمانات محايدة وهيبة للدستور عن طريق تقوية المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني وتوزيع الاختصاصات ووطنية الجيش وأشياء أخرى ليست مهمتي ولا مهمة المواطن العادي ولكنها مهمة أول لجنة دستور بعد الثورة الشعبية, إنها لجنة تاريخية وعليها أن تكون عند مستوى المسؤولية الوطنية. عيون الشعب كلها متجهة إليكم وإلى أدائكم والمشروع الذي ستضعونه بين يديه يجب أن يكون على مستوى الطموح وعند حسن الظن فلا تخيبوا ظنه .. ابتعدوا عن المواضيع المثيرة للفتن وامنعوا بذور الفرقة من الاختباء في التربة الدستورية وأسسوا الجوامع العامة .فالدستور كتاب «جامع ومانع » 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي