رياح الشمال الى قلب الجنوب "عبود خواجه"

علي البخيتي
الأحد ، ٢٣ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٤ صباحاً
كان للقائي بك في قطر قبل أيام أشد الأثر على نفسي, كان ليَدِك التي وضعتها على قلبي مفعول السحر الذي جعلني بعد عودتي الى اليمن اضاعف نشاطي الداعم للقضية الجنوبية والذي بدأته منذ سنوات, سأضل كما عهدتموني مع القضية الجنوبية منذ أن وعيت على الشأن العام, ليس لي أطماع في الجنوب, فلا أملك "فلة" في عدن, ولا بئر نفط في شبوة, ولا أرضية في المكلا, ولا أستطيع الترشح في أي من دوائر الجنوب الانتخابية بحكم أني من أبناء مديرية الحدأ محافظة ذمار, وما يربطني بالجنوب هو الحب لهذا الوطن, هو الهوية المشتركة, هو حبي لسحر عدن, لساحل المكلا, للفن اللحجي, للتراث الجنوبي الثقافي والفني, لصوتك الشجي, لأنغام المرشدي, هو طيبة وأصالة أبناء الجنوب الذين سلموا مقاليد دولة كاملة سعياً وراء الوحدة, لكنهم سلموها الى لصوص وخونه.
 
أخي الفنان الرائع عبود خواجه: الغالبية العظمى من أبناء المحافظات الشمالية معكم, فتجنبوا لغة التعميم والعنصرية, فتلك الأساليب تُمكن النافذين هنا من تجييش البسطاء لقتالكم, كما أن تعاملكم بحب ومودة مع أبناء المحافظات الشمالية الذين يعيشون بينكم له مفعول السحر في تقريب وجهات النظر بيننا وفي زيادة تعاطفنا معكم ومع قضيتكم التي نعتبرها أيضاً قضيتنا.
 
أخي عبود: سنعمل ما بوسعنا لكي نحرر اليمن من عصابة 7/7, ونعيد الحقوق لأصحابها كاملة, من منازل وأراضي وتحرير ثروات, وبعدها لكم الخيار بين البقاء في دولة واحدة باتفاقية شراكة ندية جديدة بالتوافق معكم, وان رأت الغالبية العظمى من أبناء الجنوب أنها تريد العودة الى ما قبل عام 90م فأبناء الجنوب أحرار في تقرير مصيرهم, فنحن لا نؤمن بمقولة الوحدة أو الموت, ونؤمن بمقولة "حقوق الانسان أو الموت", وسنقاتل معكم حتى تنالوا حقوقكم, نحن لا ننظر الى الجنوب كجغرافيا, بل ننظر الى الإنسان الذي فيه وتراثه وثقافته وتجربته العريقة, وتلك هي الثروة الحقيقية التي نتمسك بالوحدة من أجلها.
 
أخي عبود: أخطر ما يحاك ضد الجنوب هو مشروع تقسيمه الى اقليمين شرقي وغربي, فذلك سيصيب القضية الجنوبية في مقتل, ويُفكك بنية القضية الواحدة, ويُؤسس لعدة قضايا خاصة, ولن يرى بعدها الجنوب عافية, وسيجعلون الغالبية السكانية الفقيرة وقوداً لمقاتلة أبناء المحافظات الغنية, فحاربوا هذا المشروع بكل ما أوتيتم من قوة, وبالطرق السلمية والانتفاضة الشعبية, ولا تنسوا أن تعالجوا مخاوف بعض المحافظات الأخرى كحضرموت والمهرة التي عانت الأمرين قبل عام 90م, لكن في اطار جنوبي جنوبي, عبر حكم محلي واسع الصلاحيات لكل المحافظات الجنوبية, يمنع عودة المركزية التي كانت سائدة قبل الوحدة, المهم أن تُفشلوا مشروع تقسيم الجنوب.
 
أخي عبود: القضية الجنوبية قضية عادلة, وتحتاج الى مؤيدين ومناصرين لها في كل مكان, في الداخل وفي الاقليم وفي الخارج, استقطبوا الدعم للقضية عبر اظهار عدالتها للعالم, وابراز أخلاق حاملها السياسي وهو الحراك الجنوبي, العالم يرصد تحركاتكم وخطابكم السياسي, ويقيمكم من خلاله, وكلما كان الخطاب متزن وحضاري غير اقصائي أو عنصري كلما وجدت القضية آذان صاغية لها في كل مكان, فانتصاركم الأخلاقي أهم بكثير من الانتصارات السياسية, فهناك أطراف تعمل على تشوية القضية من الداخل عبر تشويه خطابها, وارتكاب بعض الممارسات الا أخلاقية ضد بسطاء من أبناء الشمال, فاحذروا الطابور الخامس داخلكم, وستتعرفون عليهم بمبالغتهم في بغض الطرف الآخر وتعميم الغضب على العامة والبسطاء.
 
أخي عبود: عليكم التوحد ولم الشمل بينكم كجنوبيين واحترام خيارات وتوجهات من يختلفون معكم, فهناك من يرى من الجنوبيين أن تصحيح مسار الوحدة هو الأنسب, فلا تُخَوِنوا أحد, ولا تتهموهم بالعمالة للشمال, فذلك هو المدخل لبعض النافذين في صنعاء ليؤسسوا لنزاع جنوبي جنوبي.
 
أخي عبود: السياسة فرقت هذا الشعب الطيب, وتعددت الدول داخل اليمن, وضل الناس يسافرون ويتنقلون ويتناسبون لمئات السنين ولم يضعوا أي اعتبار للحدود, ولا مشكلة في عودتنا الى ما قبل عام 90م في حالة كان ذلك هو خيار الغالبية العظمى لأبناء الجنوب, المشكلة هي في محاولة بعض الأطراف تأسيس هويات جديدة, واظهار أننا أبناء شعبين مختلفين, فذلك سيؤسس لصراع دائم ومشاكل لا حصر لها داخل الجنوب حتى بعد العودة الى ما قبل عام 90م, فالتمييز بناء على هوية جديدة سيؤدي الى تفجر أزمة هوية داخل الجنوب ولن يسلم منها أحد, وسيكون من الصعوبة بمكان تحديد من هو الجنوبي الأصلي, ومن أي زمن؟ ومن أي دول انتقل الى الجنوب؟ والكثير من الأسئلة, التي ستعيدكم ليس الى ما قبل عام 67م بل الى أبعد من ذلك التاريخ بكثير.
 
أخي عبود: ان ما يجمعني بك وبكل الطيبين في أبناء المحافظات الجنوبية أكثر بكثير من ما يجمعني –مثلاً- ببعض أبناء محافظتي الذين يقفون في صف الظالمين, فالعبرة بالمبادئ والقيم وليس بالمنطقة والمذهب.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي