دستور الأقلمة

محمد الشلفي
الخميس ، ٢٠ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٠٤ مساءً
قلق الناس حالياً، قلق حيال عدد من قضايا التقسيم الإداري لليمن كأقاليم، وعلى وجه الخصوص إمكانيات الأقاليم والتفاوت فيما بينها، والبُعد الاقتصادي لكل إقليم على حدة. 
إحدى مشاكل الدولة المركزية اعتمادها الكلي تقريباً على الموارد النفطية، فنحو 80 في المائة من الميزانية دون إيجاد موارد أخرى صناعية أو زراعية أو بحرية أو غيرها، ما يُشكّل خطراً في حال تناقصت هذه الثروة وجفّت تدريجياً من جوف الأرض. 
وربما نحن بحاجة إلى تغيير التفكير تجاه الموارد الطبيعية كمصدر وحيد وآمن للثروة، فهناك دول لا تملك أي موارد طبيعية اتجهت إلى الصناعة يعد دخل الفرد فيها بين الدول الأعلى في العالم، ومع توقُّع العالم لنضوب آبار النفط فقد بدأ العالم يسعى إلى إيجاد بدائل للطاقة والموارد. 
 تتوزّع الأقاليم اليمنية بين النفط والموانئ كإقليمي سبأ وحضرموت وعدن وتهامة بشكل رئيس، ثم أقاليم أقل حظّاً من هذه الناحية وهي إقليم آزال رغم وجود عاصمة الدولة الاتحادية فيه، وإقليم الجند بكثافته السكانية. 
فكرة التقسيم الإداري تقتضي أن تتولّى الأقاليم إدارة نفسها والاستفادة من ثرواتها وإيراداتها الضريبية، مع حرية إيجاد أنشطة جديدة صناعية - على سبيل المثال - لتوسيع أدائها الاقتصادي وزيادة دخلها باستثمارات ستعود بالفائدة عليها وبالتالي على جميع الأقاليم، حيث سيذهب جزء من الدخل إلى الدولة الاتحادية التي بدورها ستقوم بتقسيمها على الأقاليم الأخرى بحسب حاجتها ومستوى الفقر وغيرها من العوامل. 
ماذا عن الأقاليم التي ليست فيها موارد طبيعية..؟! فإقليم الجند يمتاز بكثافة سكانية عالية؛ جزء منها نوعي من حيث هو متعلّم ومؤهّل ما يدعمه في إنشاء مدن صناعية، وفي إب التي تتمتّع بميزات سياحية يمكن استثمارها وتحويلها إلى مصدر للدخل. 
وقد تكون ميزة التعليم والسلوك المدني والاستعداد النفسي لغالبية سكان هذا الإقليم عاملاً مساعداً في تطوّره وملاءمته مع نظام يفرض الاعتماد التام على الذات، والانتقال في وقت أقصر إلى استثمارات تغنيه عن عدم وجود النفط، وهو امتياز إضافي لإقليم حضرموت إلى جانب النفط. 
وفي اعتقادي أن أقاليم أخرى كآزال وسبأ يغلب على سكانهما ضعف التعليم والمحافظة على السلوك القبلي ستعاني في البداية صراعات لها جذور في البيئة الثقافية وليست نتاج لحظة الأقاليم، وعلى الدولة الاتحادية توقُّع الأمر ووضع حلول وقائية قبل حدوثها. 
 ورغم ارتباط عدن العاصمة ذات الوضع الخاص اقتصادياً بولايات كأبين ولحج؛ إلا أن عدن بما تملكه من إرث مدني لصهر الثقافات قادرة على التأثير على أطرافها وتحجيم الصراعات. 
نحن ننتظر وضع قوانين ناظمة للأقلمة في الدستور القادم يحدّد السلطات بدقة واختصاصات الأقاليم بما يضمن الرقابة والمحاسبة، قبلها علينا الرجوع إلى تجارب الفيدرالية في العالم ودراسة المشكلات التي عانتها لتفاديها خاصة فيما يخص القانون الضريبي بين حكومة الأقاليم والحكومة الفيدرالية، ونظام الفيدرالية المالية وما قد يسبّبه من مصاعب وديون وانهيارات اقتصادية. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي