ثقافة المزاج ..!!

نبيلة الوليدي
الأحد ، ١٦ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٣:٠٦ مساءً
 
شرح صدر الإنسان , وانبساط نفسه, ورؤيته للجمال في كل مفردة من مفردات الحياة, وامتلاكه القدرة على الفرح بأبسط الأشياء , واستنارة وجهه بابتسامة راضية وادعة ,وجده , ونشاطه في طلب التمام في كافة نواحي حياته ؛ مكونات يتشكل منها عنصر السعادة , والتي ينشدها الإنسان , ويلهث وراء تحصيلها منذ لحظة اكتمال وعيه , ويقظة مداركه بعد مراحل طفولته..!!
ثمة من يربط السعادة بتوفر الأشياء المادية , ووفرة المال !
وثمة من يربطها بتحصيل الشهرة , وهناك من لا يهتز وجدانه طربا , وسرورا إلا بتحصيل السيادة والزعامة!!
وثمة توجه واضح من البعض يشير بأن لا سعادة إلا لمن التزم بضوابط الدين ..!
غير أن الواقع يشهد بأن الكثير من هؤلاء , وبشتى أصنافهم وتوجهاتهم غارق في خبالات المزاج العالي !!
السعادة غاية عظمى , وعظائم الأمور لا يحصلها الإنسان إلا بمجهود عظيم ..!!
يحتاج الإنسان لبلوغ هذه الغاية للعديد من البرامج التنموية , والكثير من القراءات الجادة , وكذا لابد له من قطع مراحل شاقة من اختبارات الحياة , وتجاوزها بنجاح !
وثمة أسئلة غاية في العمق , لابد أن يجد لها أجوبة شافية ..من أنا ..ماذا أريد.. من ربي ..ما سر هذا الكون البديع الصنع ؟؟؟!!
أسئلة تسبر أغوار الكونين العظيمين , عالم الإنسان الداخلي , والعالم الخارجي المحيط به ..ثم الانتهاء بالمعرفة الحقة لمبدع هذه الأكوان ..!
رحلة نافعة , ماتعة , غير أنها مرهقة ؛ والإنسان مجبول على إيثار السهل , ميال لحياة الكسل , وخلو الذهن , حتى أنه قيل بأن ثمة من لا يفكر سوى لمرة أو مرتين في العام !!!
لذلك يلجأ أكثر الناس في سعيهم لتحصيل شعور السعادة والسرور إلى الوسيلة الأيسر , والأقل كلفة " المزاج العالي " !
كان الناس قبل الإسلام يشربون الخمرة لرفع المزاج , وتحصيل سعادة وقتية , وهمية !!
وجاء الإسلام بتحريم الخمرة ,ليتضمن هذا الحكم فوائد جمة ,من أعلاها وأظهرها ذم الإدمان !!
في بلادنا صور شتى لأصناف من الإدمان "القات , المداعة " من قديم , ثم جاءت الطامة المتممة للبلاء " الشيشة " والتي تفشى تعاطيها بين فئة الشباب حتى كادت تصبح ظاهرة!!
وهذه الأصناف من صور الإدمان مما توافق المجتمع على اعتبارها مشروعة ومقبولة , وأما ما خفي فهو أعظم !!
في علم النفس تعد الشخصية المدمنة نموذجا من نماذج الشخصيات المعتلة , وذلك لأسباب شتى من أهمها أن المدمن يغدو هش الباطن , معطل الطاقات ,وعاجز عن امتلاك مهارة اتخاذ القرار !!
بإمكان كل شخص مدمن يقرأ مقالتي هذه إبداء الاستنكار , ودفع هذه النتيجة بادعاءات وحجج شتى , لكن هل يمكنه التخلص من ثقافة المزاج , وهل يمتلك الشجاعة الكافية لاتخاذ قرار فوري بالإقلاع عن الإدمان ؟؟!!
الحجر الصحفي في زمن الحوثي