تلازم الفكرة العنصرية والعنف واسترخاص الدماء

أحمد عثمان
الثلاثاء ، ٢١ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٥٤ مساءً
حرص الحوثيون على التقرُّب من التيار اليساري "خاصة الاشتراكي" لإعطاء أنفسهم صبغة حداثية للدعاية والإعلان أشبه بالنكتة السوداء، وكانوا يصفون أنفسهم بالأصدقاء للاشتراكي؛ خاصة مع وجود بعض العناصر الحوثية التي تنتسب إلى الحزب، وكانت كلمات مثل «الشراكة» و«الدولة الحديثة» أو ما شابه في خطاب الحوثيين هي مداعبة للتيار اليساري التي كانت بعض العناصر المحسوبة عليه وغير الملتزمة أو المدّعية تزور مقر السيد وأضرحة السادة العظام للتبرُّك أو السياحة أو «الفرغة» لا فرق..!!. 
 في الأمس طلع الحوثيون غاضبين جداً من القائد الاشتراكي الأستاذ يحيى منصور أبواصبع، ووصفوه بأنه ليس وسيطاً ولا رئيساً للجنة الوساطة؛ يقف مع الخصوم، بل مشجّع للفرق التكفيرية، وقليلاً سيصفونه بأحد زعماء اليزيديين، كل هذا من أجل أن الأستاذ أبواصبع صرّح تصريحاً بدافع الأمانة الوطنية كوسيط بينهم والسلفيين وشاهد بعينيه كيف طُردت الأسر من دماج بأبشع عملية طرد في تاريخ اليمن، وكيف نفّذ المساكين كل الاتفاقات بحذافيرها بينما يرى الحوثيين ـ وهو الوسيط ـ ينفّذون العكس وينكثون بالعهد، وبدلاً من أن يسلّموا مواقعهم القريبة إلى الجيش بحسب الاتفاق؛ يمنعون الجيش من الانتشار بالمواقع في محاولة للهجوم والسيطرة على دماج، وهذا ما قاله «أبواصبع» من موقع المسؤولية. 
لا يستطيع شخص مثل «أبواصبع» أن يتصرّف خارج ما يمليه عليه ضميره، هذا الغضب من «أبواصبع» يكشف مدى العنجهية المسيطرة والنظرة إلى الغير كتابع مهما كان هذا الغير، وهي فكرة أشبه بالحالة المرضية الخطرة التي تقف وراء هذا الشره الدموي للسيطرة على صعدة وما بعد صعدة في رغبة مجنونة لإعادة الإمامة بصورتها الإيرانية الإثنى عشرية، وهي الأسوأ ألف مرّة من نسخة إمامة بيت حميد الدين. 
 هم يريدون حكم اليمنيين وإخضاعهم بالسيف للأسرة التي نزلت من السماء بحبل دقيق لحكم البشر، وهذه مشكلة الحوثيين التي ستدعهم عاجزين عن الاندماج في النسيج الاجتماعي ومحاولتهم المستميتة لإفشال الحوار وإعاقة الانتقال إلى الدولة الحديثة بالتحالف مع عائلة «صالح» والأيام القادمة ستكشف ما تبقّى من المستور، وستتساقط كل الأوراق أمام الشعب الذي يعلم أن الفكرة الاستعلائية وما يلازمها من عنف تمثّل مصدر خطر على الشعب ودولته وخطراً على معتنقيها أنفسهم، فالانتخابات عندهم كلام فاضي، فكيف يتنافس «سيد» و«عربي» في الحكم، وعبدالملك الحوثي يصرّح أكثر من مرة أنه في معركة مقدّسة لاسترداد الحكم المنتزع من الإمام علي بن أبي طالب، وهو النائب عنه بأمر الله..؟!. 
 والجمهورية عندهم شر محض، والعلم اليمني منكر يجب أن يُزال... الحديث المتكرّر من الكثير منهم عن «جدي» وقال «جدي» محمد، وهم يتحدّثون عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه إساءة بالغة إلى الرسول الأعظم واحتقار لكل اليمنيين بما فيهم الهاشميون الذين يدركون بُعد الفكرة عن الصواب والرشد وجوهر الرسالة المحمدية؛ وفيها جرح لمشاعر الشعب وكرامته؛ هم لا يفهمونها خاصة وقت النشوة عندما يتمكّنون من إراقة الدماء التي يسفكونها باسم الله من أيام عبدالله بن حمزة إلى أيام الحوثي..!!. 
هي حالة سوداء مركّبة من فكرة مدمّرة تستدعي لا محالة العنف العبثي الذي يقتل الناس لأنهم من الدرجة العاشرة خُلقوا ليموتوا من أجل سلالة مصطفاة ووحدها طاهرة، والناس أنجاس، ووحدها بأصل، والآخرون دون أصل. 
 ألم يأن لهذا العبث أن ينتهي من أجلهم وأجلنا وأجل الدين والدنيا؛ وحتى يعيش كل أبناء الشعب إخوة متحابين كما أمر محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم..؟!. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي