غياب الموقف

محمد الشلفي
الاثنين ، ٢٠ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٣٦ صباحاً
حدثان يثيران السخط في الضالع ذهب ضحيتهما أبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ قتلى وجرحى، وفي صعدة طرد عشرات الآلاف من السلفيين من دماج إلى صنعاء باتفاق مبرم رعته لجنة رئاسية، ومهما تكن الدوافع والأسباب لا يسأل المواطنون عنها إنما تفصح النتائج عن قسوة، وغياب الموقف الواضح يبعث مشاعر السخط. 
في ما حدث لا يمكن للمسؤول التستر عن مسؤوليته بإلصاق التهم بأشخاص وأطراف ويتوقّع أن يغمض الناس أعينهم ويصمّوا آذانهم عن واجبهم في حماية وحفظ النفس والمال والأرض، بل تقضم تدريجياً من سمعة الدولة والمسؤولين فيها. وفوق ذلك كلّه يلتزم المسؤولون الصمت حتى عن التبيين والإيضاح للرأي العام لما يحدث، وتترك الساحة خالية لمن يريد تزوير الحقائق أو استغلال آلام الضحايا لصالِحه، وبينهما المواطن المحايد الذي ليس أمامه إلا المزورون والمستغلّون، ولا صوت آخر يجلي له الحقيقة. 
 يقع الجيش في مناطق عدة تحت ظرف عصيب وضغط لم يتعرّض له من قبل، وفي كل بقعة يُضعفه جرح، ولم يكن القادة في تاريخه حريصين على معنوياته، يكسب معركة ويخسر معارك، ومنها تلك التي لم يطلِق فيها أو يُطلَق عليه رصاصة واحدة. في صعدة والجوف يقضي الجيش وقته تحت رحمة جماعة مسلّحة أعطت لنفسها الحق في التعدّي على المواطنين، وفي مناطق أبين والضالع ورداع ومأرب وغيرها يواجه هجمات لا تهدأ من «القاعدة» والمسلّحين. وهنا يمكنني سرد الواقع في سياقه، لكن شيئاً ما ينقصنا وهو أشد، الطريقة التي لم تراع إخراج السياسات المتَّبعة بطريقة لائقة تحفظ ماء الوجه، ما يشكّل ضغطاً يفوق كل ما سبق وستكون نتائجه مفتوحة الاحتمالات. 
الجسد اليمني يشبه جسد المحارب خالد بن الوليد وهو على فراش الموت يتحدّث ببطولة عنه، معلناً كرهه لجبن المواجهة، فما من موضع في جسد اليمن إلا وفيه جرح ينزف؛ تتداعى علينا الخطوب كأن مهمتها إفشالنا ودفعنا إلى اليأس. لكننا نفتقد جرأة المواجهة التي ستقلّل من أخطائنا وستبقينا على قيد الحياة، وتمنعنا من السقوط السريع الذي تدعونا الأحداث من حولنا إليه.. نحن نراكم الفشل بأيدينا، ولو أننا واجهنا ما حدث في الضالع وصعدة من البداية بمحاولات جادة لا تنتهي ومواقف واضحة حريصة على إشراك الرأي العام في صناعة القرار لأحدثنا فارقاً لصالح النهايات المبرّرة. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي