تقمُّص دور الضحية!

متولي محمود
الثلاثاء ، ١٤ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٧:١٢ مساءً
أن تكون مذنباً وترتدي ثوب الضحية، فأنت بالضُرورة تملكُ غطاءً سياسياً منيعاً وجيشاً إعلامياً متعدد الهُويات. مُنذ قرّر الحوثي الدخول في مؤتمر الحوار, وهو يمشي في مسارين متضادين. انغمس في السياسة، ويمارس عمل مليشوي كبديل عن الدولة حد قوله. ربما أراد بدخوله الحوار خطف اعتراف لقضيته، وخلق غطاءً سياسي لتجميل وجهه أمام الرأي العام. بالفعل نجح الحوثي في خلق رأي عام بأنه مظلوم، حتى في خضم حصاره لدماج، رُغم حُججه الواهية. فالرجل يدق على وتر التمدُّن والتحرُّر، حيث تبدو خطاباته ليبرالية خالصة. يستغل التوجُّه الشعبي في مقته للمشائخ والمتشددين والعسكر. يبدو منطق الحوثي “ السياسي” يوازي خطاب اليسار، وبالتالي فهم يمضون في المسار ذاته، بغض النظر عن النوايا. ولأن نوايا الحوثي استحواذية، فإن مساره السياسي يمضي ببُطء بينما يجري التمدد على الأرض على نحو مُخيف. يعرف الحوثي تماماً ما يُريده، ويمضي بخطىً راسخة. يمتلك الحوثي نظرةً استراتيجيةً وخُططاً طويلة المدى تُطهى على نارٍ هادئة. الكثير من الأسلحة أُدخلت إلى العاصمة، والكثير من المباني أُخذت بمبالغ خيالية لصالحه. العديد من الذمم والولاءات دُفع لها لانتظار ساعة الصفر، حتى الطبقة المثقفة وأقلامها لم يسلموا من أمواله. وهكذا يظهر الحوثي بمظهر الضحية، والمتسامح رغم كل ما حل به، حد تعبيرهم. 
على أية حال، قائمة تحالفاتٍ جديدة أخذت بالتشكُّل على مدى الأشهر الماضية، يجمعها هدف واحد إسقاط الجمهورية والعودة إلى الملكية. الكثير من الإرهاصات تتابعت، بصماتها واضحة، توجُهها إجهاض النظام الكائن. حان الوقت، الزمان: ذكرى المولد النبوي الشريف، المكان: العاصمة صنعاء. دأب الحوثي على التجييش إلى صعدة في هذه الذكرى، اليوم صعدة تشهد حروباً ضارية مفتعلة. لابد من مكان آخر، وليكن العاصمة صنعاء.. حليفٌ آخر يدعو للنزول علانيةً لإسقاط الحكومة التي ينعتها بالفشل. الحصيلة: حشود غفيرة، مدينة تعج بالمسلحين، ومخازن أسلحة نوعية لا حصر لها. هنا تبدو الصورة مكتملة ولا مجال للتأويل والتستُّر. تيارات عديدة ذات خلفيات دموية في مواجهة دولة مترنحة. هذه هي الصورة القاتمة التي نشيح النظر عنها. ولأن هؤلاء يدعون حبّ النبي ولكن لإتيان الشرور، فكلي ثقة بأنهم سيندحرون خائبين. أعوّل بعد الله على صمت عبد ربه الذي يُشعرني دائما بالأمان. دائماً أُحرق أعصابي لعدم إطلاع الرأي العام حول مايدور، لكن الرئيس يعرف ما يفعل, وأنا أثق به. صلى عليك الله يا علم الهدى، لو علمت كيف تُستغل ذكرى ميلادك في استعراض الشرور والتبجُّح لحرّمت هذه الذكرى. سأحتفل بك في قلبي، باتباع سنتك والاهتداء بهديك، صلى الله عليك وسلم. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي