الحوثي كمبتدئ

محمد الشلفي
الاثنين ، ١٣ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٢٦ مساءً
كنا إلى وقت قريب نعد الحروب التي تقوم ضد الحوثي، وأصبحنا نعد حروبه ضد الآخرين ولا غرابة فقد تحول الضحية إلى جلاد. 
يخوض الحوثي متأهباً حروباً على من يعتقدهم أعداءه وندخل كشعب يمني ضمن هذا الاعتقاد بشكل أو بآخر، وهو ما لا يمكن المراهنة عليه لا نحن ولا هو.. فمشاريعه تجتر تجارب التاريخ وليست بنت بيئتها وزمنها... فحتى ما قبل الجمهورية كان من يحكم اليمن هو القادر على إخضاع قبائل اليمن. 
لكن الخمسين سنة الفائتة في الجمهورية كرست للطرق الديمقراطية ومحاولات تطبيقها، أو الغلبة المغلفة بها. واستطاعت إلى حد ما استيعاب القبيلة ضمن نسيج يحاول التحول إلى المدنية. مع استمرار التفاوت بين الضعف و القوة لهذه الدولة، لكنها الطريقة الأنسب لهذا العصر. لا يمكن أن تكون في عصر يصف العالم بالقرية تختفي فيه الهويات والحدود، فتأتي لتجادلني أو تحاربني بمنطق زمن كان قائما على مفاهيم العزلة. 
لا أستطيع كيمني المراهنة على مشروع غامض، لا يبعث على الثقة، يُشوش على طموحاتي-مهما كانت حالمة- في بناء دولة يسودها العدل والمساواة والحياة الكريمة، والتعايش والتشارك. الذي يمنع أي منا كيمنيين من اتخاذ قرارات مصيرية بشكل منفرد. 
يحدد الحوثي أعداءه منفردا، ويخوض معاركه ضدهم ويطلب منا اعتبارهم أعداءً . فحين أعلن السلفيين كأعداء وإرهابيين وقتلهم، حوَّل ما اعتدنا عليه قضايا فكرية كحد أقصى إلى قضية دم وقتل بمزيج من الكذب والتضليل ما يدفع المجتمع نحو التمزق. 
وحين أعلن بيت الأحمر أعداء، كان يحشد اليمنيين بطرق مُختلقة مستغلا مآخذنا عليهم ليس حبا فينا بل لأهداف يعرفها أكثر منَّا، فيما نحن بحاجة إلى استيعابهم كما هو هدف الثورة من استيعاب الجميع بما فيه قائد الجماعة هذا القبيلي الجلف بخلفيته الدينية وهو جزء من نسيج يمني لا يقل تخلفا عن قبائل العصيمات ومحاربي الحوثي الذين تعليمهم في أدناه. 
 الحوثي ليس بديلاً مناسباً لما نحن فيه من مشكلات، ولا أسلوبه بديلاً لأساليب الآخرين في الساحة فأكثر ما سينتج عن صراع قوتين مسلحتين صعود أحدهما. وهذا أبعد عن ما كنا نفكر فيه ونطمح إليه. هو يحاول إعادة خارطة اليمن على أساس: من يملك السلاح والقوة يحكم. في وقت كنا اعتقدنا أن الثورة أعادت صياغة اليمن على أساس السلمية والعمل المدني والشراكة 
الحوثي يؤمن بعمق بالعنف كما يبدو من سلوكه، يعمل بنفسيه المنتقم الذي لا يعي أنه أول المنتقمين من نفسه، إنه في طور تجربة أولى مليئة بالأخطاء والإخفاقات من نوع لا تظهر إلى فيما بعد. وأقول آسفا أننا سندفع ثمن مبتدئ لا يهمه الاستفادة من دروس التاريخ وعِبره. 
ويساعده في ذلك كثير ممن وثقوا به وبنوا مواقفهم تأييدا له على أساس ردات الفعل ومساحات الاستيعاب الذي ضاقت وجاء الحوثي في لحظة ليملأها، وهؤلاء سيشاركون في جعلنا ندفع ثمنا غاليا لمكاسب قليلة يحصل عليها وبطريقة واحدة هي العنف، ثمن محاولات إيقاف التغيير أو صياغته بطريقة سينتج عنها لا حقا مراجعات مُبكية لمن يزرع الدم والعنف في طريق مستقبله ومستقبلنا. 
 
 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي