بيئة صحفية غير آمنة

عارف أبو حاتم
الأحد ، ١٥ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٦:٤٥ مساءً
تعمل الصحافة اليمنية في ظروف صعبة لا تعمل فيها مثيلاتها العربية، وتعيش في بيئة بالغة التعقيد، متداخلة الظروف، وتُحتم على الصحفي أن يُضاعف جهوده، ويُعزز قدراته من أجل تحقيق النجاح الذي يتوخاه. 
فالصعوبات والتحديات والإشكاليات التي تواجه الصحافة اليمنية كثيرة، ومتداخلة، وتزداد تعقيداتها نتيجة قصور في التشريعات الإعلامية، وارتفاع في نسبة الأمية. 
والواقع الصعب الذي تعمل فيه الصحافة اليمنية لا يبدأ من ضعف التشريعات الإعلامية، ولا ينتهي بغياب التقنيات الحديثة المستخدمة، بل يبدأ من انعدام البيئة الأمنية اللازمة للعمل الصحفي، ويحل مكانها الرهاب الجمعي الذي يتلبس الصحفيين، كلما فكروا في كسر “التابو” واقتحام “المسكوت عنه”، وكشف الستار عن المخبوء، وما يدور في كواليس السياسة والمجتمع. 
وهذه البيئة غير الملائمة ليست السلطة وحدها المسئول عنها، بل المجتمع بكل منظومته الثقافية والاجتماعية والسياسية والأمنية. 
  ومن العسير القول إن الصحافيين اليمنيين قد انتقلوا من مرحلة “الهواة” إلى مرحلة “الاحتراف” وتحول العمل الصحفي لديهم إلى ممارسة مهنية احترافية بكامل مدلولات هذه الكلمة. 
 وهذا قولٌ لا ينطبق بالتأكيد على جميعهم، بغض النظر عن مؤهلاتهم التعليمية، سواء كانوا حاصلين على مؤهلات من كليات ومعاهد إعلامية متخصصة، أو لهم مؤهلات أخرى غير اختصاصية، إلا أنهم احترفوا العمل الصحفي، ويعملون وفقاً لقواعد المهنة. وهناك من يمارس العمل الصحفي بعشوائية، وارتجالية، ويعتقد أن كل عمل يقوم به هو من صميم العمل الصحفي، وغالباً ما تكون انتاجات هذا الصنف مكرسة في “فن المقالة”، وحتى الأخبار والتقارير التي يصيغونها لا تخلو من آرائهم الشخصية، وهناك صنف ثالث؛ “دخلاء” يتخذون من الصحافة وسيلةً للابتزاز والاتجار، ولا يهمهم قيم المهنة، ولا طبيعة الرسالة أو أثرها في المجتمع. 
وهذا التصنيف لا يعني مطلقاً أن متخريجي الكليات والمعاهد الإعلامية هم الأكثر التزاماً بقيم وقواعد العمل الصحفي. والصحفي اليمني بكل الأحوال يعاني جملة من الصعوبات والمعوقات التي تثبطه أكثر مما تدفعه، وتلغي حضوره المميز أكثر مما تقدمه إلى الأمام، وتجعل منه صحفي “عام” أكثر منه صحفي متخصص، وهذه الصعوبات والمعوقات – سنتبينها لاحقاً - في جلّها تحتاج إلى عمل مؤسسي من أجل تجاوزها، وإعادة تأهيل للكادر الصحفي، ومراجعة التشريعات الإعلامية القائمة.فضلاً عن كون الصحافة اليمنية خاملة، تنتظر انفجار القضايا ثم تذهب إليها. 
والصحافة اليمنية عموماً لا تزال صحافة رأي ومقال، ولم ترقَ بعد إلى صحافة صانعةً للرأي العام، وموجهةً له، وأيضاً ليست صحافةً خبريةً، آنية، فالغالب على مواعيد هذه الصحف أنها أسبوعية، و«الخبر الصحفي أسرع الأشياء وفاة»، ويُستثنى من ذلك الصحف اليومية، وهي ثلاث حكومية: «الثورة، الجمهورية، 14 أكتوبر» وست أهلية: «الشارع، أخبار اليوم، الأولى، المصدر، الأيام، مأرب برس». 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي