في زمن اختلطت فيه المواقف، وتبددت فيه القيم في زحام المصالح، خرج من ريف اليمن وجهٌ صلب، وجبينٌ لا ينحني، اسمه صالح حنتوس. رجل تجاوز السبعين من عمره، ، وقف في وجه آلة الحرب الحوثية بكل ما يملك: جسدٌ أنهكته السنين، لكنّه بقي واقفا كجبل شمسان.
من هو صالح حنتوس؟
صالح حنتوس، رجل يمني مسن من محافظة ريمة، تحديدًا من منطقة "السلفية"، تحوّل إلى رمز شعبي في الداخل والخارج بعد أن أظهر شجاعة منقطعة النظير في مواجهة المليشيات الحوثية، التي شنت هجوما عسكريًا واسعًا على منزلة المتواضع. لم يهرب، لم يستسلم، بل اختار أن يبقى في بيته ويحمل سلاحه ليدافع عن أهله ، ويقاوم حتى الرمق الأخير.
حكاية الرجل المسن
اجتاحت المليشيات الحوثية القرية بالأطقم ، لم يكن في ذهن أحد أن رجلا سبعينيا سيقف بوجههم، لكن حنتوس قرر أن يكتب حكاية أخرى. لبس بزته الشعبية، واعتلى سطح منزله ببندقيته ، مدافعًا عن بيته وأرضه وعرضه.
حاصروه لساعات ، قصفوا بيته، أحرقوا كل ما حوله، لكنه لم يتراجع. سقط شهيدًا، لكن استشهاده لم يكن عاديا، بل أصبح لحظة فارقة، التفت فيها الجميع إلى قيمة الإنسان اليمني حين يتحول إلى قلعة من الكبرياء.
كيف تحدث الناس عنه؟
لم تمضِ ساعات على مقتله حتى امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بقصص وبطولات حنتوس.
الصحفيون كتبوا عنه، والشعراء أنشدوا له، الجميع وصفوه بـ"أسطورة اليمن الصامتة".
وصفه أحد الصحفيين بـ"جيفارا اليمن"، بينما كتب آخر:
"لقد هزمهم وحده، ليس بالنار فقط، بل بالكرامة."
قال أحد الناشطين وسيم المرزوح
> "ما فعله صالح حنتوس يفوق ما فعلته جيوش كاملة. علمنا أن الكرامة لا تحتاج إلى رتبة عسكرية ولا إلى تمويل.. فقط تحتاج قلبًا حرًا."
ووصفه مغرد يمني آخر بالقول:
"حنتوس لا يشبه أحدًا، إنه مدرسة في الصمود، درسنا فيها جميعًا معنى أن تموت واقفًا."
حتى خصوم الحوثيين في الخارج – من العرب والعالم – تداولوا قصته بكثافة. وظهرت صورته في عدة مواقع إخبارية دولية، مرفقة بعبارات تمجيد لموقفه الشجاع.
أسطورة من الواقع
قصة حنتوس ليست أسطورة من نسج الخيال، إنها الحقيقة المرة التي هزت ضمير الأمة. ففي وقت كان فيه البعض يساوم، وكان الكثيرون يلوذون بالصمت، ارتفع صوت رجلٍ واحد، بلا منبر ولا خطاب، ليقول كلمته بطلقةٍ نارية من بندقيةٍ قديمة.
مات صالح حنتوس، لكن روحه بقيت.
تحوّل اسمه إلى نشيد للمقاومة، وصورته إلى أيقونة لكل من يريد أن يقف بوجه الظلم.
حنتوس لم يكن مجرد مسنٍّ منسي في قرية ريفية، بل صار رمزًا خالدًا للكرامة اليمانية التي لا تموت.
هو درسٌ يجب أن يُروى لأجيال قادمة، بأن العظمة لا تصنعها الجيوش، بل يصنعها الرجال حين يقفون في وجه الظلم ولو بأيديهم العارية.
-->