ليست هزيمة نظام الملالي فى ايران خياراً يمكن تجاهله أو تأجيله، بل ضرورة حتمية وملحة بكل المقاييس و تتقاطع فيها الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والإنسانية. فنظام الملالي بمشروعهم التوسعي الطائفي الزاحف تكيفوا اولا بإخضاع الشعب الايراني منذ أكثر من أربعة عقود ومن ثم وضفوا كل امكانات الدولة الإيرانية السياسية والعسكرية والمالية فى خط إنتاج و ماكينة لتصدير القمع والموت في اقاليم البلاد ونشر الحروب والفوضى فى الجغرافيا المحيطة بها، من الدول العربية إلى آسيا الوسطى وحتى تخوم القوقاز ..
ويقينى التام إن سقوط هذا النظام هو انتصار لملايين الضحايا الذين كانوا وقودا وضحايا لمشروع الملالي ودفعوا ثمن هذا المشروع العبثي في ايران اولاً والعراق ولبنان وسوريا واليمن وأفغانستان وباكستان وأذربيجان، وفي العمق الكردي المحاصر بين طهران وبغداد.. هزيمة نظام الملالي انتصارٌ لحق الإنسان في الحياة والكرامة وحرية الفكر والاختيار والابداع بعدما جعلت ولاية الفقيه من الأوطان سجوناً كبيرة ومن المعتقد أداة للهيمنة والتضليل ، ومن الأقليات مليشيات مجرمة ووقودا لمعارك لا تنتهي .
وبقراءة صادقة فإن هزيمة نظام الملالي ستكون نصراً حقيقياً للأمة الإيرانية ذاتها والمختطفة تحت قبضة الحرس الثوري، والمحرومة من تنفس معانى الحرية منذ قيام ما اطلق عليها بالثورة الإسلامية عام 1979. هذا الشعب متعدد الاعراق والطوائف و الذي خرج في شوارع طهران وأصفهان وشيراز مرارا وتكرارا يهتف لا غزة ولا لبنان روحي فداء إيران يستحق أن يرى النور أخيرا وان ينعتق من نير الكهانة والاستبداد وأن يعيش في دولة تحترم إنسانيته وتعدد ثقافاته بدل أن تستهلكه في مشاريع خارجية لا تعود عليه إلا بالفقر والعزلة والحروب التى لا تنتهى ولن تنتهى حسب وعى نظام الملالي الا بخروج أسطورة المهدى. وهكذا أصبح شعبب كاملة و مستقبل اجياله مرهون بأسطورة لا اساس منطقى لها وليس من المنطق اصلا اخضاع مستقبل شعب من أجلها لو كانوا يعقلون . واستناداً لكل تلك الحقائق المؤلمة والتى تؤكد قبح هذا النظام فإن حساسية المشهد يجب ان لا تربك اى رأي عاقل ومن الخطأ اختزال الأمر في رضنانا من عدمه فى الجهة التي قد تُسقط هذا النظام. سواء كانت الولايات المتحدة، أو إسرائيل، أو حتى موزمبيق، فإن المهم ليس - من- بل كيف و لماذا .. أما إذا جاءت النهاية المنتظرة على يد الشعب الإيراني أو الجيش الوطني الإيراني، فإنها ستكون خاتمةً ناصعة كذهب الحرية الخالص. هذه قناعات لا يفهمها من اختاروا العبودية وتشربوها أولئك الذين يرون في الطغاة رمزا للاستقرار وفي الخراب مشروعا للمقاومة والتحرير أما من عايشوا مرارة الاستبداد ورأوا حبال المشانق المعلقة فى المدن والقرى وعرفوا قيمة الإنسان المهدورة فى هذا البلد فهُم يدركون أن إسقاط نظام الملالي فى ايران ليس فقط واجباً سياسياً، بل واجب أخلاقي وإنساني، من أجل حاضر ايران و المنطقة ومستقبل أجيالها. وانا على يقين ان المنطقة ستكون افضل بدون نظام الملالي الكهنوتى والقمعى ..
فؤاد التميمي 19/6/2025
-->