يسجل العا شر من يونيو حضورًا مهما على اجندة الأمم المتحدة باعتباره اليوم الدولي الاول للحوار بين الحضارات بعد اعتماده في الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة بمبادرة صينية وبدعم 82 دولة.
الاحتفاء بالعاشر من يونيو كيوم دولي للحوار بين الحضارات، هو ثمرة مسار طويل من الدعوات الى تعزيز التفاهم الإنساني، ومواجهة المد المتصاعد لخطابات الكراهية والتصادم الثقافي التي غذت الصراعات واسهمت في تعميق الانقسامات حول العالم.
الحوار بين الحضارات اليوم لم يعد فكرا نخبويا كما كان يُتهم سابقا بل اضحى ضرورة استراتيجية إنسانية وأمنية في وقت يشهد فيه العالم حروبا مريرة ونزاعات لا تنطفئ، وأزمات سياسية واقتصادية تلقي بظلالها الثقيلة على حياة الملايين وتفشي النظرة الى "الآخر" بوصفه خطرا وجوديا مما اضفى على هذا اليوم طابعا إنقاذيا لا رمزيا. فمن رحم التهديد المتزايد بفكرة "صدام الحضارات"، وُلدت الحاجة لتفعيل الحوار كمسار مضاد يجد جذوره في منابر الأمم المتحدة واليونسكو ويتغذى من رؤية تعتبر التعدد الثقافي ثراء لا تهديدا.
في هذا السياق، يتحول العاشر من يونيو الى منصة عالمية لإعادة تأكيد القيم الجامعة: الكرامة، العدالة، وحق الشعوب في التمايز دون إقصاء. إنه استدعاء للحكمة الجماعية كي نرفض منطق الاستعلاء الحضاري ونواجه الانغلاق الثقافي بإرادة الانفتاح ونضع حدودا لمعادلات الهيمنة والتبعية.
يقف العالم اليوم على مفترق طرق: بين الانغلاق والانفتاح، بين الشك والتفاهم، بين العزلة والتعاون. وفي هذا المفترق، يمثل الحوار بين الحضارات خيارًا اخلاقيًا وسياسيا لبناء مستقبل مشترك، لا يقفز على التباينات بل يديرها بحكمة وتقدير. و الحوار هنا ليس مجرد حديث بين نخب بل أداة مقاومة ضد الصور النمطية والعنصرية والإقصاء. إنه تمكين حقيقي للمجتمعات ولا سيما الشباب والنساء لبناء جسور التواصل وتفعيل ادوارهم في صناعة التغيير السلمي ولذلك فأن التعاطي الإيجابي في تناول الحوار بين الحضارات في مجال التعليم والإعلام والثقافة مهم جدا باعتبارها ليست ادوات تكميلية بل مفاتيح لصياغة وعي جديد يتأسس على احترام الآخر والتعايش المشترك.
في هذه اللحظة العالمية الحرجة نؤكد بأن الحوار بين الحضارات ينبغي ان يتحول من مفهوم نظري الى مشروع إنقاذ جماعي يعيد للإنسانية توازنها ويضعها على طريق اكثر امانا وانصافا حيث لا خيار للبشرية الا العيش معا، لاضد بعضهم البعض بالرغم من الاختلافات.
-->